الكتاب المقدس دستور حياتنا

ان الكتاب المقدس هو كلمة الله المحب الى البشر ،فقد افتقد الله البشر فارسل اليهم كلمته المكتوبة بواسطة مجموعة من القديسين مسوقين من الروح القدس، و بالرغم من تعدد هؤلاء الكتبة  عبر الزمان و تنوع ثقافاتهم و لغاتهم المختلفة الا اننا نجدهم متفقين فى وحدة الرسالة و الهدف "لأنه لم تأت نبوءة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بط 1: 21)

والكتاب المقدس هو دائما صوت الله العامل فى قلوب و فكر البشر قبل اذانهم ، فمحوره هو خلاص الانسان ، ففى العهد القديم يشير كلام الله فى اسفاره و بين اياته الى المسيح الاتى ليخلص و يصلح ما قد فسد فى الانسان و يرد الانسان الى رتبته الاولى ، و فى العهد الجديد يبشرنا بالخلاص الذى تممه ربنا يسوع المسيح كلمة الله المتجسد  و يرينا ان نهتم بخلاص نفوسنا مقتدين به .

إن الكتاب المقدس هو الكتاب الفريد الوحيد الذي نجد فيه الإعلان المكتوب لإرادة الله نحو الإنسان، وهو الكتاب الوحيد الذي يقدم للإنسان القيم الاخلاقية و التعاليم الروحية والحل لجميع مشاكله و يقوده الى الحياة الابدية ، فهو الشريعة و الحياة ،انه دستور المسيحية النابض و الحى.

الكتاب المقدس نلقبه دستور المسيحية النابض و الحى لانه نافع لكل فرد مهما كان كبيرا او صغيرا ، ذكرا او انثى ، مثقف او غير مثقف ، العالم الحكيم والانسان البسيط ، الغنى و الفقير ، و له تاثير عظيم فى الروح و ينقى النفس و له قوة شفاء من الخطية و الاثم ، يمنح الحكمة و النقاء ، يعطى السعادة و الفرح و السلام ، فيه الشريعة و الرحمة ، فيه العزاء و الرجاء ، يعلمنا الحق و عدم الرياء ، يعلمنا المحبة و الاتضاع ، هذه المعانى الجميلة التى وضحها السيد المسيح فى عظته على الجبل فى انجيل ( مت 5 و 6 ) وكما يقول الرسول "كل الكتاب هو موحى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر" (2تى 3: 16).

الكتاب المقدس هو رسالة مقدمة إلينا، ومن ذا الذي لا يفرح برسالة الله!!

 القديس أنطونيوس الكبير وصلته رسالة ذات يوم من الامبراطور قسطنطين. ففرح تلاميذه جدًا، ولكن القديس ترك الرسالة جانبًا، فتعجب تلاميذه وتحمسوا لقراءة الرسالة. فقال لهم " لماذا تفرحون يا أولادي هكذا لرسالة وصلتنا من إنسان؟ وهوذا الله قد أرسل لنا رسائل كثيرة في الإنجيل المقدس، ونحن لا نقابلها بمثل هذا الفرح والحماس؟!

و لكى يكون الكتاب المقدس دستورنا الحقيقي يجب ان تكون علاقتنا به دائمة و مستمرة بحيث نلهج فيه الليل و النهار كقول داود النبى "وفي ناموس الرب مسرته وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلًا" تعبيرا عن أن وصايا الله ليست عبئًا عليه، وليست ثقيلة، وليست فرضًا، إنما هي سبب فرحه الدائم ليلا و نهارا.

داود النبي، الملك ،والقائد ،وصاحب المسئوليات الكبيرة و الكثيرة. نجده يقول "ناموسك هو تلاوتي"، "شريعتك هو لهجي". ويتحدث عن علاقته بناموس الله وشريعته فيقول "سراجٌ لرجلي كلامك، نور لسبيلي"، "فرحت بكلامك كمن وجد غنائم كثيرة"، "كلامك ألذ من العسل والشهد في فمي". لذلك برغم كثرة مشغولياته الا ان كلمة الله و شريعته كانت لا تفارقة و لذلك باركه الله

كان قداسة البابا شنودة الثالث معلم الاجيال يعلمنا و يقول (احفظوا الإنجيل، يحفظكم الإنجيل، احفظوا المزامير، تحفظكم المزامير) و ايضا يقول (حفظ الآيات وترديدها وتأملها فضيلة، والعمل بها فضيلة أعظم )

و من اقواله ايضا (اقرأوا وتأملوا. اخلطوا الكتاب بأرواحكم، وادخلوا إلى أعماقه.

لا تكتفوا بالمعنى القاموسي، وبالتأمل ستجدون الآية الواحدة، وكأنها بحر واسع لا حدود له، كما قال داود: "لكل كمال رأيت منتهى، أما وصاياك فواسعة جدًا".)

من اجل كل هذا نجد ان الكنيسة القبطية الارثوذكسيةاهتمت جدا بالقراءة دائما للكتاب المقدس فى كل صلواتها الفردية و الجماعية ،النهارية و الليلية ، اليومية و الموسمية ، و من بين نصوصه اخذت ايمانها و وضعت قوانينها و نشرت تعاليمها و قادت مجامعها ، عليه عاشت و عليه ستحيا الى الابد.امين.

كونوا معافين

مينا قلادة