بولس الرسول و اسرار الكنيسة المقدسة

ان رسائل بولس الرسول تذخر بالعديد من الايات التى تعنى باسرار الكنيسة فتشرحها و توضحها، فقد كان الروح القدس يستخدمه لتوجيه رسائله لتأكيد وتعليم و توجيه المؤمنين فيما يخص الامور الايمانية و العقائدية فى الكنيسة....

الاسرار فى جوهرها اعمالا مقدسة ، تمنح النعمة الالهية فعلا للمتقدمين اليها. واداة يتم بواسطتها عمل هذه النعمة فينا،ويمكن وصفها بإنها: مؤسسة من الله ، انها ذات هيئة او صورة ، انها واسطة لتمنح نفوس المؤمنين فيض النعمة. ( 1 )
ان الاسرار سبعة لا اقل و لا اكثر مقابلة لمواهب الروح السبعة (اش 11 : 2 ) و للمنارات الذهبية السبعة (رؤ 1 : 12 -13 ) وللاختام السبعة التى راها النبى بعد فتح الكتاب(رؤ 5 : 1) فالاسرار السبعة هى الاعمدة التى نحتتها الحكمة فى بيتها (ام 9 : 1 ) .( 2 )

ومن خلال هذا البحث احاول ان اوضح رؤية بولس الرسول حول اسرار الكنيسة من خلال رسائله .

محتوى البحث


1 سر المعمودية : -
نموت مع المسيح و نقوم مع المسيح متحدين معه أى مع المسيح (رو 6 )( 3 )
الفداء قدمه لنا الدم(دم المسيح) ونحن ننال إستحقاقات هذا الدم بالميلاد من الماء والروح اى المعمودية ( 4 )
أشاربولس الى ان المعمودية موت ودفن وقيامة فى ( رو 6 : 3 – 5 )وفى (كو 2 : 12 )
وانها غسل الميلاد الثانى فى (تى 3 : 5 ) و (اف 5 : 26 )
فمن هذه الايات نستدل على وجوب العماد بالتغطيس لان الاعتماد ليسوع على شبه موته و الغسل بالماء لا يتم الا بتغطيسنا فى الماء .( 5 )
وبها نتقدس(1 كو 6 : 11 ) ونصير ورثة (تى 3 : 5 – 7 .)

2 سرالميرون ( المسحة المقدسة ): -
هو سر مقدس به ننال ختم موهبة الروح القدس ( 6 )
المعمودية لا تفقدنا حريتنا ، لذلك يمكن ان نرتد و نخطئ ، ولكن الروح القدس يسكن بسر الميرون ،يظل يبكت و يعين ويجدد الانسان المعمد العمر كله. ( 7 )
فى (يو 7 : 37 – 39 ) "قَالَ هذَا عَ ن الرُّو ح الَّ ذي كَانَ الْمُؤْ منُونَ ب ه مُزْ م عينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطيَ بَعْدُ " الرب يسوع يشير الى موهبة كان مزمعا ان يهبها للمؤمنين وهى عطية الروح القدس .( 8 )
أشار بولس الرسول الى ان حلول الروح القدس يكون بوضع الايادى (ع 8 : 17)
وانها مسحة ثابتة تُعَلِّمُنا ( 1 يو 2 : 27 ) وانها استنارة وشركة الروح القدس (عب 6 : 4 )
وانها ختم ( 2 تي 2 : 19 ) و مسحة إلهية للتثبيت ( 2 كو 1 : 21 ) وهى عربون الروح (2 كو 1 : 22 .)

3 سر التوبة و الإعتراف : –
حيث ننال مغفرة الخطايا
أشار بولس الرسول لهذا السر من حيث كمالاته فقال : "فَمنْ ثَمَّ يَقْدرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إلَى التَّمَام الَّذينَ يَتَقَدَّمُونَ به إلَى الله، إذْ هُوَ حَي في كُلِّ حين ليَشْفَعَ فيهمْ " (عب 7 : 25 )
به ننال المصالحة مع الله ونتجدد و ننال سلامه ( رو 5 : 1 ، اف 2 : 14 ، 2 كو 5 : 15 – 21 ) .( 9)

4 سر الشكر ( الافخارستيا) : –
هى نقل الحياة ثانية فنحيا بعد ان كنا بسبب الخطية فى حالة موت روحى. ( 10 )
و كلمة افخارستيا تعنى الشكر .اسسه الرب يسوع يوم خميس العهد (مت 26 : 26 - 30 )
وهكذا فإن المسيح كان يشكر الاب كرأس للكنيسة على الحياة التى اعطاها الله لنا اولا عند خلقة ادم واعادها لنا بعد
ان فقدناها. ( 11 )
أشاربولس الرسول الى هذا السر من حيث انه شركة دم المسيح وجسده الواحد ( 1 كو 15:10 - 22 ( مؤكدا على ان
الجسد والدم تحت اعراض الخبز والخمر) 1 كو 11 ( كمايؤكد على ضرورة الاستحقاق للتناول( 1 كو 11 : 29 - 30 )( 12 )
وانه تسلمه من الرب شخصيا و يجب الاستعداد والاحتراس بفحص النفس قبل التناول ( 1 كو 23:11 - 31 )
وانه ذكرى دائمة مستمرة ( 1 كو 11 : 24 )

5 سر الزيجة : -
هى اتحاد الزوج و الزوجة كجسد واحد فى المسيح لنمو جسد المسيح عدديا. ( 13 )
السيد المسيح اسسه عند قوله " وَيَكُونُ الاثْنَا ن جَسَدًا وَا حدًا. إ ذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْ ن بَلْ جَسَ د وَا ح د . فَالَّ الذي جَمَعَهُ الله لا يُفَرِّقُهُ إنْسَان.مت (  19 : 3 – 6 )  وبارك سر الزيجة بحضوره عرس قانا الجليل كما ورد فى (يو: 1 – 11 .)
أشار بولس الرسول لرد السيد المسيح )أف 5 : 31 ( مشيرًا إلى التساوي الكامل بين الزوجين في الحقوق والواجبات( 1 كورنثوس 3:7 - 5 ، 10 - 16 ) وخضوع الزوجة لزوجها (أف 22:5 ؛ كو 18:3 )، لكنَّه يجعل من هذا الخضوع خضوع حب لانه سرعظيم (أف 5 : 32 ) ،لا خضوع عبود ية، كخضوع الكنيسة للمسيح (أف 23:5 - 24 ). الا انه يؤكد ان "الرجل هو رأس المرأة" ( 1 كو 2:11 - 16 .)
ويعتبر بولس الرسول حالة البتولية اشرف من حالة الزيجة ،فبولس الذى قال عن الزيجة هذا سرعظيم ،وقال ليكن الزواج مكرما عند كل واحد. قد فضل حالة البتولية على حالة الزواج حيث قال " لأنى اريد ان يكون جميع الناس كما انا .( 14 )

6 سر الكهنوت : -
أشار بولس الرسول الى هذا السر فى مواضع كثرة منها فى:
(رو 12 ) "ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا أنبوة فبالنسبة إلى الإيمان أم خدمة ففي الخدمة أم المعلم ففي التعليم أم الواعظ ففي الوعظ المعطي فبسخاء المدبرفباجتهاد الراحم فبسرور" وهكذا الروح القدس يعمل إلى  الآن.
ويوصى بألا يضع يده على احد بالعجلة ( 1 تي 5 : 19 - 22 ) و ان يقيم فى كل مدينة قسوسا (تي 1 : 5 )
و ان يمنح الكرامة للقساوسة الذين يتعبون فى الكلمة والتعليم ) 1 تي 5 : 17 .)


7 سر مسحة المرضى: -
ان التوبة وغفران الخطايا يرتبطان ارتباطا اساسيا بهذا السر ،فعندما كان السيد المسيح يشفى المرضى ،كثيرا ما كان
يربط بين المرض الجسدي و الخطية ،فقال لمريض بيت حسدا بعد ان شفاه "هَا أَنْتَ قَدْ بَرئْتَ، فَلا تُخْطئْ أَيْضًا، لئَلا يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ " (يو 5 : 14 ) و هذا القول يظهر الارتباط بين الخطية والمرض الجسدى كارتباط العلة بالمعلول.( 15)
لم يشربولس الرسول الى هذا السر فى رسائله بشكل مباشر و لكن اشار الى كمالات هذا السر بدعوة المؤمنين الى التوبة والصلاة و غيرها من الامور الخلاصية اذ كان هو نفسه يعانى من علة فى جسده (2 كو 12 : 7 – 9 ). ولا ابفرودتس (فى 2 : 27 ) ولا تروفيموس ( 2 تى 4 : 20 ). مع أن الخرق التى كانت على جسد بولس كانت تشفى المرضى ، فشفاء الروح و الخلاص الابدى هو غاية السر.

ختام البحث
رسائل بولس كانت نوعاً من إفتقاد الخادم لمخدوميه يُفصح فيها عن مشاعره نحوهم ويوضح فيها بعض القضايا الإيمانية الهامة مثل تثبيت المؤمنين فى ممارسة الاسرار ومنها التوبة والاعتراف والتناول،وحث الاساقفة على الكرازة واقامة رعاة فى سرالكهنوت ودعوة غير المؤمنين الى الايمان بالمخلص وتعميدهم و وضع الايدى و الاهتمام بامورهم الحياتية كتلك التى للمتزوجين وامور اخر كثيرة بحسب ما أعطاه الله.
لكن لم يكن ممكن اً أن تحمل الرسائل مهما بلغ عددها كل حقائق الإيمان المسيحي وتفاصيله، أو تلك الأمور المرتبطة به ولا تقل أهميتها عن الإيمان نفسه من حيث لزومها للخلاص.. وهنا يأتي دور “التقليد”.( 16 )

فرسائل البولس تحمل أدلة كتابية عديدة على وجود تسليم عيني أو شفاهي وصل إلينا فى صورة تقليد. “فإثبتوا إذ اً أيها الأخوة وتمسكوا بالتعاليم التي تعلمتموها سواء كان بالكلام أم برسالتنا” ( 2 تس 15:2 )

المراجع
  الكتاب المقدس
  القس انطونيوس فكرى ، الاسرار السبعة ،الناشر ، البلد ، السنة ، (ص 6 )
  موريس تاوضروس ، علم اللاهوت العقيدى ، مطبعة مدحت حنا، القاهرة ، 1934 ،المجلد الثالث، ( ص 486 )
  الارشيدياكون حبيب جرجس ، اسرار الكنيسة السبعة ،جمعية المحبة ، القاهرة ، 1934 ،  ( ص 207 )
  شريف رمزى ، بولس شخصيته منهجه أفكاره ،مكتبة المحبة ، القاهرة ،الطبعة الاولى ، – - 2008 ( ص 59 ،60)

 

إلى هنا أعاننى السيد المسيح .

اغنسطس اكليريكى / مينا ثروت قلادة

 

 

 

المزيد في هذه الفئة : « الكتاب المقدس دستور حياتنا