عناصر البحث
مقدمة
التعريف بسفر الجامعة
أولا : تصنيف السفر
ثانيا : كاتب السفر
ثالثا : لمن كتب هذا السفر
رابعا : قانونية السفر
خامسا :أهمية السفر التاريخية
سادسا :مميزات السفر
مضمون و محتوى السفر
أولا : اقسام السفر
ثانيا :مضمون الاصحاحات بإختصار
ثالثا :أهم النبوات الواردة بالسفر
رابعا :الرسالة التعليمية فى السفر
اللاهوت في سفر الجامعة
السفر من الناحية اللغوية و التعبيرية
اولا :الدراسات اللغوية
ثانيا :مفتاح السفر من الكلمات و العبارات الاسترشادية
شبهات حول سفر الجامعة و الرد عليها
المراجع
مقدمة:
يعتبر سليمان الحكيم هو اول من بنى بيتا للرب فى العالم ، لكنه عاد فانحرف الى العبادة الوثنية بسبب نسائه الاجنبيات الوثنيات و حياة اللهو التى مارسها، و اذ شعر لخطئه ، عاد الى الري الهه من جديد لينضم الى الجماعة المقدسة بالتوبة الصادقة.و قد جاء سفر الجامعة يكشف عن توبته العملية .
ركز سفر الجامعة على تأكيد بطلان العالم بكل ملذاته، و فى نفس الوقت اوضح ان كل ما صنعه الله حسن و رائع بهدف التمتع بالحياة الابدية.
كتب هذا السفر الى كل انسان لا الى شعب معين ،هذا هو معنى العبارة "تحت الشمس " اى جميع بنى البشر،ليكتشف الكل حاجتهم الى الله كمخلص لهم و مصدر شبع و سعادة .( ابونا تادرس يعقوب ص 432 )
التعريف بسفر الجامعة:
أولا : تصنيف السفر :
سفر الجامعة هو من الأسفار الشعرية والحكمية، ومن أسفار الزهد والنسك في الكتاب المقدس، يقرأه الإنسان فيشعر ببطلان هذا العالم وما فيه من متع الجسد. عباراته تحث على التوبة والانسحاق وتثبت أن الإنسان لو عاش بعيدًا عن الله يشقى ويتعب و يندم.
ثانيا : كاتب السفر:
يجمع دارسو الكتاب المقدس ، ان سليمان الحكيم كتب سفر الجامعة اثناء شيخوخته حوالى سنة 977 ق م.
دعى نفسه بالعبرية " קֹהֶלֶת " كوهيليث Qoheleth " التي تعني "الجامعة" ، فقد أدرك حنو الله الذي حمله كما على منكبيه من خلال طريقه ليرده إلى الحياة الجامعة، إلى القطيع الإلهي، إلى كنيسة الله التي يجتمع فيها الله مع شعبه. بمعنى آخر لقد كتب "الجامعة" سفر "الجامعة" لكي يحث كل تائه على العودة إلى الحياة "الجامعة" أو إلى الحياة الكنسية المتهللة، بعدما يكتشف بطلان كل ما هو تحت الشمس (جا 3: 1)، فيرتفع إلى فوقها، أو إلى ما فوق الزمن، ممارسًا الحياة الجديدة السماوية الخالدة.
- معنى كلمة الجامعة:
الكلمة بالعبرية " קֹהֶלֶת " ومعناها يجتمع. والكلمة تعني اجتماع. وبالإنجليزية نجد اسم السفر Ecclesiastes والكلمة مأخوذة عن الكلمة اليونانية Ecclesia أي مجمع أو اجتماع. وهذه الكلمة اليونانية تعني بالعربية كنيسة.
وفي (1:1) نجد كاتب السفر يقول "كلام الجامعة ابن داود الملك". ولقد اتفق آباء الكنيسة ومعلمي اليهود أن سليمان الملك هو كاتب السفر.
ولكن لماذا أطلق على نفسه اسم الجامعة؟
أ. ربما تعني أنه يجمع في هذا السفر أقوالًا حكيمة (9:12، 10). فهو جامع أقوال. وتاء التأنيث دلالة على المبالغة كقولنا "الراوية" عن كثير الروايات.
ب. ما يكتبه هنا هو خلاصة حكمته وخبراته العملية التي جمعها خلال حياته.
ج. سليمان هو محبوب الله (2صم24:12، 25). والله أعطاه حكمة عجيبة، وهو أول مَنْ بَنَى بيتًا لله، لكنه عاد وانحرف إلى العبادة الوثنية. ويؤخذ هذا السفر دليل على توبة سليمان ورجوعه إلى الكنيسة الجامعة أي إلى شعب الرب أو جماعة الرب.
د. ربما كتب سليمان هذا السفر لينصح كل من يسمعه ألا يسير في طريق الخطية مثله، ولكي يحث كل خاطئ تائه لكي يعود إلى حياة الكنيسة الجامعة، وهو يكشف لكل من يسمعه بطلان هذه الحياة. وربما كان يجمع الشعب ليعظهم وينذرهم بهذه الأقوال فَسُمِّيَ سليمان الجامعة لأنه كان يجمع الشعب بهدف مخاطبتهم ووعظهم (لو32:22). وربما بسبب هذا فهم الكثيرين أن سليمان تاب في أواخر أيامه. وكان هذا السفر هو ثمرة عودته وتوبته بعد انغماسه في الملذات الدنيوية وارتباطه بنساء وثنيات.
هناك من شكك في أن سليمان كاتب هذا السفر ولكنها أراء لا يعتد بها كثيرًا والمعترضين أشاروا لوجود كلمات أجنبية في السفر ولكن يرجع هذا لعشرة سليمان مع نساء أجنبيات ولكثرة التجارة مع كل أمم العالم وانفتاح إسرائيل على كل العالم وثقافاته في أيام سليمان.
ثالثا : لمن كتب هذا السفر
يوُجَّه السفر للإنسان الطبيعي (أي من لم تعمل فيه النعمة عمل التجديد)، لكل إنسان تحت الشمس، وذلك حتى يدرك الإنسان الطبيعي الذي يهتم بالعالم، أن العالم الذي هو رجاءه الوحيد هو عالم باطل، فيسعى ليجد طريق الله فيجد أن الله مصدر غناه وشبعه فيحبه، هو عظة عملية للتوبة لكل إنسان، لذلك لم يستخدم السفر تعبير يهوه الخاص بشعب الله وإنما استخدم تعبير ألوهيم الخاص بالله كخالق لكل البشر وإله لكل العالم. وإصطلاح تحت الشمس تكرر 29مرة. وهو يشير لجميع بني البشر. واصطلاح تحت الشمس هو ما عبر عنه العهد الجديد بقوله "العالم". ومن هم تحت الشمس(والشمس تشير للتجارب والآلام)؟ هم كل البشر في العالم. أما شعب الله الذي اتحد بالمسيح شمس البر هم فوق الشمس فلقد أجلسهم المسيح إلههم في السمائيات (أف6:2). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والملائكة مثلًا هم في عالم فوق الشمس يعملون بلذة وبلا تعب، وبالنسبة لشعب الله فهم في عزاء وسلام وفرح كثمر للروح القدس الذي فيهم، وهذا ما يعزيهم وسط الآلام. وبنفس المفهوم تتكرر كلمة تحت السماء وكلمة على الأرض إشارة لكل إنسان في العالم ولكن شعب الله يصير هو نفسه سماء حيث يقام ملكوت الله في داخلهم (لو21:7)، وكل ابن لله لا يخضع لشهوات جسده (الأرض إشارة للجسد) بل يرتفع فوق شهواته الزمنية.
الله خلق العالم فكان حسن جدًا. ولكن لعن الله الأرض بسبب الخطية. وهذا السفر الذي نكتشف فيه عدم راحة الإنسان بكل وسيلة عالمية يفسر نتائج هذه اللعنة. وكانت الخطية هي انفصال عن الله. والسفر يكشف مدى تفاهة الحياة خارج دائرة محبة الله ونعمته
ويتضح أنه لا شبع خارج دائرة محبة الله، كما قال السيد المسيح "من يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا" (يو13:4). ومهما تعب الإنسان في عمله لن يجد شبعًا، وهذا ليس معناه أن الله يريد أن يحطم إمكانياتنا البشرية بل هو يريد أن يقدسها ويكملها بأن يشترك في العمل معنا، كما نصلي في أوشية المسافرين "اشترك يا رب في العمل مع عبيدك في كل عمل صالح" وكما يبارك الكاهن الشعب عند إنصرافهم بقوله "محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد وشركة وموهبة وعطية الروح القدس تكون معكم" (2كو14:13) . فالله يريد أن يكون شريكا لنا في كل أعمالنا فيباركها. ولكن مشكلة الإنسان أنه يريد أن يتكل على ذاته في كبرياء ويعجب بذاته ناسبًا كل الفضل لذاته وهذا يفصله عن الله فيشعر بعدم راحة ويحطم حياته ويفسد إمكانياته. ولنفهم أن من يعمل وحده منفصلا عن الله فهو محدود الإمكانيات، أما من يشرك الله في كل أموره روحية كانت أو مادية، فهو ينطلق إلى اللانهاية في إمكانياته، لذلك يقول بولس الرسول "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (في 4: 13).
رابعا : قانونية السفر :
ايضا اكد الراباوات اليهود والتلمود واباء الكنيسه من البدايه ان كاتب السفر هو سليمان مثل : جارشي وكيمي ويوسي ويوناثان وراشي ويوسيفوس وفيلو واباء الكنيسة مثل اغناطيوس ،يستينوس ،كليمندوس الروماني ،كليمندوس الاسكندري ،يوسابيوس،اوريجانوس ،اريناؤس ،جيروم ،اغسطينوس ،يوحنا ذهبي الفم
وكل من تكلم عن قانونية العهد القديم ذكر السفر انه قانوني وان كاتبه سليمان ابن داود النبى
هذا بالاضافه الي وجوده في المخطوطات القديمه فهو موجود في نسخة عزرا فهو قبل السبي وهو في السبعينية من القرن الثالث قبل الميلاد باسم سليمان وفي مخطوطات قمران الكهف الرابع
هذا بالاضافه الي اقتباسات ضمنية للسيد المسيح مثل :
جاء فى إنجيل ( يوحنا 3: 8) "اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا، لكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. هكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ".
وهذا في سفر ( الجامعة 11: 5 ) "كَمَا أَنَّكَ لَسْتَ تَعْلَمُ مَا هِيَ طَرِيقُ الرِّيحِ، وَلاَ كَيْفَ الْعِظَامُ فِي بَطْنِ الْحُبْلَى، كَذلِكَ لاَ تَعْلَمُ أَعْمَالَ اللهِ الَّذِي يَصْنَعُ الْجَمِيعَ."
و فى إنجيل ( لوقا 9: 25) "لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ، وَأَهْلَكَ نَفْسَهُ أَوْ خَسِرَهَا؟"
وهذا في سفر( الجامعة 1: 3) "مَا الْفَائِدَةُ لِلإِنْسَانِ مِنْ كُلِّ تَعَبِهِ الَّذِي يَتْعَبُهُ تَحْتَ الشَّمْسِ؟"
و فى إنجيل (مرقس 7: 37) "وَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ: «إِنَّهُ عَمِلَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَنًا! جَعَلَ الصُّمَّ يَسْمَعُونَ وَالْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ."
وهذا في سفر( الجامعه 3: 11 ) " صَنَعَ الْكُلَّ حَسَنًا فِي وَقْتِهِ"
وايضا اقتباسات معلمنا بولس الرسول الضمنية من السفر
نجد فى (2 تى 2: 22 ) " أَمَّا الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالسَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ." وهذا في سفر( الجامعة 11: 10 )" فَانْزِعِ الْغَمَّ مِنْ قَلْبِكَ، وَأَبْعِدِ الشَّرَّ عَنْ لَحْمِكَ، لأَنَّ الْحَدَاثَةَ وَالشَّبَابَ بَاطِلاَنِ"
و فى (1 تى 6: 10 )" أَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ. " وهذا في سفر( الجامعه 5: 10 ) " مَنْ يُحِبُّ الْفِضَّةَ لاَ يَشْبَعُ مِنَ الْفِضَّةِ، وَمَنْ يُحِبُّ الثَّرْوَةَ لاَ يَشْبَعُ مِنْ دَخْل. هذَا أَيْضًا بَاطِلٌ
وايضا فى (1 تى 6: 7 ) " أَنَّنَا لَمْ نَدْخُلِ الْعَالَمَ بِشَيْءٍ، وَوَاضِحٌ أَنَّنَا لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَخْرُجَ مِنْهُ بِشَيْءٍ." وهذا في سفر( الجامعة 5: 15) "كَمَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ عُرْيَانًا يَرْجعُ ذَاهِبًا كَمَا جَاءَ، وَلاَ يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ تَعَبِهِ فَيَذْهَبُ بِهِ فِي يَدِهِ."
خامسا :أهمية السفر التاريخية :
يعد الدليل التاريخى الوحيد الذى يكشف لنا توبة سليمان الحكيم قبل موته و جحده للعبادات الوثنية الباطلة ، التى نسبها اليه كاتب سفر الملوك الاول كما ورد فى (1مل 11 : 4 – 8 )، ( نح 13 : 26 )
سادسا :مميزات السفر:
اولا : تبصره بنهاية الحياة المادية على الارض
ثانيا : تعليمه بالافادة بمتع الحياة ، كل منها فى وثتها
ثالثا : فرح الانسان بانتاجه و عمل يديه ، و هو كل ما يحصل عليه من حطام الدنيا
رابعا :دعوة الشباب لذكر الخالق و حفظ وصاياه الذى يحضر كل شيئ للدينونة.(4)
مضمون و محتوى السفر
أولا : اقسام السفر:
يشتمل سفر الجامعة على اثنا عشر اصحاحا يمكن تقسيمها كالاتى:
اولا : مقدمة ( 1 : 1 – 11 )
يتحدث فيها سليمان الحكيم عن بطلان الحياة المادية
ثانيا : الموضوع من( 1: 12 ) حتى اخر الاصحاح العاشر
حيث يشرح الرأى السابق، و يدعمه بالخبرات المتعدده
ثالثا : النتيجة ( الاصحاحين 11 و 12 )
يؤكد ضرورة الاستعداد للمستقبل ، و ذكر الخالق فى ايام الشباب و ختام الامر كله ، اتقاء الله و حفظ وصاياه لانه سيحضر كل شيئ للدينونة.(5)
ثانيا :مضمون الاصحاحات بإيجاز:
الاصحاح الاول : شهادة الطبيعة على بطلان العالم
الاصحاح الثانى : بطلان مباهج العالم و تجربته الشخصية
الاصحاح الثالث : شهادة العالم على بطلانه
الاصحاح الرابع : شهادة المجتمع على بطلان العالم
الاصحاح الخامس : الحب فى العبادة و السلوك
الاصحاح السادس : افساد عطايا الله
الاصحاح السابع : الاستعداد الحكيم للابدية
الاصحاح الثامن : السلوك الحكيم الهادف
الاصحاح التاسع : الحكمة و وليمة العرس
الاصحاح العاشر : الحذر حتى من الصغائر
الاصحاح الحادى عشر: الجهاد المملوء حبا
الاصحاح الثانى عشر: الجهاد المبكر
ثالثا :أهم النبوات الواردة بالسفر :
1 – يسوع المخلص : نقرأ فى (جا 9 : 14 – 15 )
" مَدِينَةٌ صَغِيرَةٌ فِيهَا أُنَاسٌ قَلِيلُونَ، فَجَاءَ عَلَيْهَا مَلِكٌ عَظِيمٌ وَحَاصَرَهَا وَبَنَى عَلَيْهَا أَبْرَاجًا عَظِيمَةً. وَوُجِدَ فِيهَا رَجُلٌ مِسْكِينٌ حَكِيمٌ، فَنَجَّى هُوَ الْمَدِينَةَ بِحِكْمَتِهِ. وَمَا أَحَدٌ ذَكَرَ ذلِكَ الرَّجُلَ الْمِسْكِينَ! "
و يتخذ مفسرو المسيحية من القصة السابقة اشارة و رمزا للسيد المسيح له المجد ،فالمدينة تشير الى الارض التى سلمها الخالق للبشر ، و هى صغيرة بالقياس الى افاق الكون الشاسع و الملك الذى حاصرها و اذلها هو الشيطان ، رئيس هذا العالم ، انما مخلص المدينة فهو السيد المسيح ، الذى رفض الاعتراف به كثيرون ، حتى خاصته .
و عن فقر هذا المخلص قال الرسول : " فانكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح انه من اجلكم افتقر ، و هو غنى لكى تستغنوا انتم بفقره " ( 2 كو 2 : 3 )
2 – يسوع مُطَهرنا
" لِتَكُنْ ثِيَابُكَ فِي كُلِّ حِينٍ بَيْضَاءَ، وَلاَ يُعْوِزْ رَأْسَكَ الدُّهْنُ. " ( جا 9 : 8 )
لم يقصد الحكيم من هذا النص ، الناحية المادية ، بل قصد جمال النفس و طهارتهامن كل شائبة . و هذا لا يحصل المؤمنون عليه ، بغير دماء السيد المسيح "وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ." (1 يو 1: 7).(6)
رابعا :الرسالة التعليمية فى السفر:
ان الموضوع الاساسى للسفر هو( بُطل الحياة ) القائمة على اساس من المطامع و الشهوات الدنياوية ، فأى رأى دنيوى لا يرتفع فوق افق الانسان نفسه ، لا طائل من ورائه سوى الاحباط و الخيبة .
فالنظر الى اللذات و المتع الشخصية كأعظم خير فى هذه الحياة ما هو الا حماقة مطبقة ، فى ضوء عظمة الله الفائقة بالنسبة للكون الذى قد خلقه هو . فالسعادة لا يمكن بلوغها بالسعى اليها ، لان هذا السعى يتضمن سخافة تأليه الذات " وَأَيْضًا قَلْبُ بَنِي الْبَشَرِ مَلآنُ مِنَ الشَّرِّ، وَالْحَمَاقَةُ فِي قَلْبِهِمْ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَبَعْدَ ذلِكَ يَذْهَبُونَ إِلَى الأَمْوَاتِ" ( جا 9 : 3 )
فالحكم النهائى على كل جهد بشرى مستقل يسعى وراء الذات او وراء انجاز دائم ، انمما هو باطل الاباطيل ( اى باطل بطلا كاملا ). فعلى البشر الزائلين ان يتأكدوا انهم ليسوا سوى خلائق عاجزين ، و انهم انما يستمدون اهميتهم من علاقتهم بالخالق العظيم :" قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ كُلَّ مَا يَعْمَلُهُ اللهُ أَنَّهُ يَكُونُ إِلَى الأَبَدِ. لاَ شَيْءَ يُزَادُ عَلَيْهِ، وَلاَ شَيْءَ يُنْقَصُ مِنْهُ، وَأَنَّ اللهَ عَمِلَهُ حَتَّى يَخَافُوا أَمَامَهُ." ( جا 3 : 14 ) و بعبارة اخرى ان الهدف من السفر هو ان يكون وسيلة لهداية الفكر المكتفى بذاته ، و اجباره على ان يكون وسيلة لهداية الفكر المكتفى بذاته، و اجباره عن ان يتخلى عن الخداع المريح للنفس ، ليواجه بامانة عدم ثبات تلك المساند المادية الواهية التى يحاول ان يبنى عليها امنه.
ففى نهاية الطريق امام صاحب الذهن العنيد المادى يربض الموت و الهلاك ، فلا يمكن للانسان ان يجد لحياته المسئولة مبدأ ثلبتا و هدفا صلدقا ، الا متى وجد معنى جديدا لحياته فى الخضوع لسيادة الله ، الطاعة الكاملة ، فى سلوكه الادبى ، لارادة الله .
قد توجد جوانب كثيرة لارادة الله لا يدركها الانسان تماما و مع ذلك يجب ان يخضع لها فى ثقة كاملة ، و يتقبل بشكر و يستمتع بكل احسانات الله ، من الطعام و الملبس و كل وسائل الراحة المادية، و كما يقسم الله لكل واحد العمل الذى يعمله الله من البداية الى النهاية ." عَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ خَيْرٌ، إِلاَّ أَنْ يَفْرَحُوا وَيَفْعَلُوا خَيْرًا فِي حَيَاتِهِمْ. وَأَيْضًا أَنْ يَأْكُلَ كُلُّ إِنْسَانٍ وَيَشْرَبَ وَيَرَى خَيْرًا مِنْ كُلِّ تَعَبِهِ، فَهُوَ عَطِيَّةُ اللهِ." ( جا 3 : 12 – 13 )أى ان كل هذه عطية من الله. و من هذا المنطلق نستطيع ان نفهم كل العبارات التى يطلقونها عليها العبارات ( الابيقورية ) مثل ( جا 2 : 24 )" لَيْسَ لِلإِنْسَانِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيُرِيَ نَفْسَهُ خَيْرًا فِي تَعَبِهِ. رَأَيْتُ هذَا أَيْضًا أَنَّهُ مِنْ يَدِ اللهِ "فهى لا تمتدح مذهب المتعة كما يتصور البعض ، بل بالحرى تحث الناس على التقدير القلبى الصادق لعطايا الله المادية و الاستمتاع بها حتى مع ادراكهم انها وقتية وفانية .
اما الصبغة التشاؤمية ، التى يزعم وجودها فى السفر مع تذكيره الدائم بحتمية الموت و شموليته ، فيجب تفسيرها فى ضوء الهدف العام للسفر كما فى ضوء القرينة المباشرة . فمثلا قول " فَغَبَطْتُ أَنَا الأَمْوَاتَ الَّذِينَ قَدْ مَاتُوا مُنْذُ زَمَانٍ أَكْثَرَ مِنَ الأَحْيَاءِ الَّذِينَ هُمْ عَائِشُونَ بَعْدُ." ( جا 4 : 2 ) ليس هو رفضا او استنكارا للحياة لان الاية السابقة توضح لنا انه اذا كانت حياة الانسان لا تتكون الامن المظالم و المصائب و الالام ، لكان خيرا له لو لم يولد . ، و كذلك السؤال : " لأَنَّهُ مَاذَا يَبْقَى لِلْحَكِيمِ أَكْثَرَ مِنَ الْجَاهِلِ؟ مَاذَا لِلْفَقِيرِ الْعَارِفِ السُّلُوكَ أَمَامَ الأَحْيَاءِ؟" ( جا 6 : 8 )
يجب ان يوضع مع السياق العام للسفر ، فبدون الله و إرادته المقدسة ، ليس لحياة الانسان اى معنى باق ، اذ انها تفضى الى العدم . أما متى كانت علاقة الانسان بالله على ما ينبغى ان تكون عليه فكل شيئ معه يفضى الى الخير "12 اَلْخَاطِئُ وَإِنْ عَمِلَ شَرًّا مِئَةَ مَرَّةٍ وَطَالَتْ أَيَّامُهُ، إِلاَّ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ يَكُونُ خَيْرٌ لِلْمُتَّقِينَ اللهَ الَّذِينَ يَخَافُونَ قُدَّامَهُ." ( جا 8 : 12 ) .
يجب ان نضيف ان الجامعة يركز بشدة على اهمية هذه الحياة لانها المجال الوحيد امام الانسان للفرص و الانجاز قبل ان يخطو من هذه المرحلة الى الابدية . و من هذا المنطلق يصدق القول " لأَنَّهُ مَنْ يُسْتَثْنَى؟ لِكُلِّ الأَحْيَاءِ يُوجَدُ رَجَاءٌ، فَإِنَّ الْكَلْبَ الْحَيَّ خَيْرٌ مِنَ الأَسَدِ الْمَيْتِ." ( جا 9 : 4 ) . كما ان الاية التالية لا تعنى موت النفس " الموتى لا يعلمون شيئا " بل بالحرى تحذير بان الموتى لا يتنظرون مستقبلا لهم فيه فرص للاختيار بين الخير و الشر ، بين طاعة الله و عصيانه ، كما كان لهم قبل القبر ، كما انه لا علم لهم بما يجرى "تحت الشمس " اى على الارض فى اثناء انتظارهم فى الهاوية .
و القصد من كل هه الاعتبارات هو تحذير الناس من الانشغال بامور الحياة الكاذبة الخادعة ، و لفت نظرهم الى القيمة الوحيدة ، و هى الشركة مع الله و العيشة فى الطاعة لمشيئته . و يتضح هذا عندما ختم اقواله : "13 فَلْنَسْمَعْ خِتَامَ الأَمْرِ كُلِّهِ: اتَّقِ اللهَ وَاحْفَظْ وَصَايَاهُ، لأَنَّ هذَا هُوَ الإِنْسَانُ كُلُّهُ." ( جا 12 : 13 )
و النقاد العقلانيون الذين يشككون فى صحة السفر ، انما يفعلون ذلك باستبعاد مثل هذه الايات التى تتكلم عن الطاعة لله ، و لكن هذا محض وهم و خيال من النقاد لا يقوم على اساس موضوعى .
اللاهوت في سفر الجامعة
القراءة السريعة للسفر تدفعنا للقول إن غاية السفر هو الكشف عن بطلان الحياة الزمنية بكونها حياة قصيرة وعابرة تنتهي بالموت، يشترك في هذا الحكيم والجاهل؛ الإنسان والحيوان. لكن من يُقرأ ما وراء السطور يدرك غاية الكاتب الحقيقية وهو ليس نفورنا من هذه الحياة بمباهجها وآلامها وإنما التعلق بالله خالق العالم ومدبر أموره الكبيرة والصغيرة.
أولًا: الله في سفر الجامعة
1. الله الخالق
إن كانت الخليقة مبهجة، تجلب لذة ومتعة، فماذا يكون الخالق الذي جلب لنا الأمور المنظورة وغير المنظورة، خلق من أجلنا العالم الخارجي كما خلقنا نحن أنفسنا؟!
"كما أنك لست تعلم ما هو طريق الريح، ولا كيف العظام في بطن الحبلى، كذلك لا تعلم أعمال الله الذي يصنع الجميع" (11: 5). من أجلي خلق كل العالم حتى الرياح كما خلق عظامي وأنا في الأحشاء. لا أعرف كل أسرار الطبيعة التي أوجدها لحسابي، ولا حتى كيف تكونت عظامي وأنا جنين، إنما أعرف أنه صانع الجميع، فكيف ارتبط بالخليقة لا بخالقها؟! لهذا ينصحني الجامعة: "فاذكر خالقك في أيام شبابك" (12: 1).
2. الله الكلِّي القدرة
ارتباطي بالله لا يقوم على علاقتي به كمخلوق مدين له، إذ خلقني وخلق كل شيء لأجلي وإنما هو "الخالق القدير". يعجز ذهني عن إدراك قدرته، إذ يقول الجامعة: "رأيت كل عمل الله أن الإنسان لا يستطيع أن يجد العمل الذي عُمل تحت الشمس، مهما تعب الإنسان في الطلب فلا يجده والحكيم أيضًا..." (8: 17).
أمام قدرته الفائقة أشعر بالعجز وعدم إمكانية التعرف على تدابيره لحسابي، إنما أؤمن أنه يصنع كل شيء حسنًا لأجلي: "صنع الكل حسنًا في وقته، وأيضًا جعل الأبدية في قلوبهم التي بلاها لا يدرك الإنسان العمل الذي يعمله الله من البداية إلى النهاية" (3: 11).
3. الله ضابط الكل
في قدرته الفائقة يصنع كل شيء حسنًا في وقته لحسابي، ولا يفلت شيء من يده، فهو ضابط الكل، أعماله كاملة حتى وإن كنا لا ندركها... كضابط الكل يقدر وحده أن يُصلح فساد طبيعتي واعوجاجها: "أُنظر عمل الله لأنه من يقدر على تقويم ما قد عوَّجه؟!" (7: 13). "لأن هذا كله جعلته في قلبي، وامتحنت هذا كله أن الصديقين والحكماء وأعمالهم في يدّ الله" (9: 1).
4. الله كلِّيْ الحكمة
كضابط الكل في يده حياتنا بكل دقائقها، وبحكمته يدبرها، فهو العارف الماضي (3: 15)، والمستقبل (6: 12)، ويدبر كل الأمور حسنًا (2: 11، 14).
5. الله المعطي
الله كخالق قدير وأب محب لا يكف عن العطاء، يُقدم لنا الآتي:
* يهبنا الحياة (8: 15)، وهو الذي يأخذ الروح (12: 7).
* واهب الغنى والسلطة (5: 19).
* معطي الفرح (5: 19).
يرى الجامعة أن كل ما في الحياة حتى إمكانية الإنسان أن يأكل ويشرب ويتعب هذا كله من يد الله (2: 24).
6. الله القدُّوس
الله لا يبخل على الإنسان بشيء، وهو في هذا لا يطلب منه شيئًا بل أن يحمل سمة القداسة، فيكون مقدسًا كما هو قدُّوس. إنه لا يطلب ذبيحة الجهال بل طاعة الحكيم المملوء حبًا.
"احفظ قدمك حين تذهب إلى بيت الله، فالاستماع أقرب من تقديم ذبيحة الجهال، لأنهم لا يبالون بفعل الشر" (5: 1).
"فلنسمع ختام الأمر كله: "اِتَّق الله واحفظ وصاياه، لأن هذا هو الإنسان كله" (12: 13).
7. الله المهتم بالإنسان
في رقة مشاعر الجامعة لم يحتمل دموع المظلومين (4: 1)، فغبَط الأموات لأنهم لا يعاينون الظلم، بل وحسب الذين لم يولدوا أكثر سعادة. هذا لا يعني أن الأمور تسير في العالم بلا ضابط، إنما يهتم الله بالبشر، خاصة الأبرار والحكماء (9: 1). يسمح لهم بالتجارب (1: 13)، لكنه وإن كان لا يُحاكم الأشرار الظالمين سريعًا إلاَّ أنه يُحوّل المتاعب لخير خائفيه (8: 12-13). الله يُنجي الصالح من الأشراك (7: 26).
8. الله الديان
الله هو الديان، يُدين الصدِّيق والشرير (3: 17). يُدين كل أعمال الشر (11: 9). إنه يدعونا يومًا ما للحساب، فنقدم إجابة عن كل أعمالنا. على ضوء هذه الحقيقة يلزمنا أن نعيش. "لأن الله يُحضر كل عمل إلى الدينونة، على كل خفي، إن كان خيرًا أو شرًا" (12: 14).
ثانيًا: العالم في سفر الجامعة
"باطل الأباطيل الكل باطل" (1: 2)؛ هذا هو العالم بدون الله؛ أما بالله فحتى الأكل والشرب بل والتعب فيه خير للإنسان (2: 24). يتمتع الصالح في هذا العالم بالحكمة والمعرفة والفرح (2: 26).
ثالثًا: الحياة في سفر الجامعة
مادام كل ما في الحياة حتى الأكل والشرب وغيرهما هو عطية الله ومن يده، لذا يليق بنا أن نقبل الحياة البسيطة المعتمدة على الله بكونها الحكمة الحقيقية. لنتعب ونجد في تعبنا خيرًا وفرحًا (2: 24).
لنطلب الحكمة لا محبة الغنى، فإن "ولدٌ فقير وحكيم خير من ملك شيخ جاهل" (4: 13).
لنعمل أيضًا بروح الجماعة فإن: "اثنان خير من واحد، لأن لهما أجرة لتعبهما صالحة... والخيط المثلوث لا ينقطع سريعًا" (4: 9، 12).
بالله يصير كل شيء نافعًا، فلا نقف في سلبيةٍ، بل نُجاهد بكل طاقتنا للانتفاع بعطايا الله لنا: "كل ما تجده يدك لتفعله فافعله بقوتك" (9: 10).
يرى الجامعة عطايا الله كثيرة نذكر منها على سبيل المثال:
1. الحكمة: "رأيت أن للحكمة منفعة أكثر من الجهل، كما أن للنور منفعة أكثر من الظلمة" (2: 13)؛ "الحكمة صالحة مثل الميراث" (7: 11)؛ "الحكمة خير من أدوات الحرب" (9: 18)؛ "الحكمة خير من القوة" (9: 16).
2. السمعة الطيبة: "الصيت خير من الدهن الطيب" (7: 1).
3. طول الأناة: "طول الروح خير من تكبر الروح" (7: 8).
4. الزواج:"التذ عيشًا مع المرأة التي أحببتها كل أيام حياة باطلك التي أعطاك إيَّاها تحت الشمس" (9: 9).
5. المغامرة الروحية والعطاء: "اِرم خبزك على وجه المياه فإنك تجده بعد أيام كثيرة" (11: 1).
6. الانتفاع بنور الشمس: "النور حلو وخير للعينين أن تنظرا الشمس" (11: 7).
7. الانتفاع بالحداثة والشباب: "اِفرح أيها الشاب في حداثتك، وليُسرّك قلبك في أيام شبابك، واِسلك في طرق قلبك..." (11: 9).
رابعًا: الإنسان في سفر الجامعة
كسائر الكتابات الحكيمة يُعالج سفر الجامعة أولًا وقبل كل شيء الحياة البشرية ومشاكلها.
1. خلق الله الإنسان مستقيمًا (7: 29)، مقدمًا له الكثير لكي يشبع وتفرح أعماقه (5: 18 إلخ)، وينعم عليه بالحياة المقدسة. لهذا يوصيه الجامعة أن يخفْ الله ويحفظ وصاياه، قائلًا: "لأن هذا هو الإنسان كله" (12: 13).
2. مع هذا فالإنسان خاطئ (7: 20)، فقد الكرامة التي خلقه الله عليها (3: 11)، وصار يجهل خطة الله نحوه وعمله معه (8: 17)، وصارت الحكمة بعيدة عنه (7: 23)، فهو على حال غير ما يريده الله له (7: 27-29).
3. يوجد الآن "الصدِّيق والشرير"، "الصالح والطالح"، "الطاهر والدنس" (9: 2). هذا أمر نسبي "لأنه لا إنسان صدِّيق في الأرض يعمل صلاحًا ولا يخطئ" (7: 20).
4. أما من جهة النظام الاجتماعي فيوجد ملوك (رؤساء) وعبيد (10: 16)، ظالمون ومظلومون [4: 1؛ 5: 7)؛ أغنياء وطبقة كادحة (5: 11). على أي الأحوال الحكمة ليست إرثًا للأغنياء (4: 13؛ 9: 15). العمل (10: 18) والمشاركة (4: 9-12) أمران هامان.
الخضوع في بعض الأحيان هو أفضل من مواجهة الحكام الطغاة (10: 4-7).
بالنسبة للسعادة يقتنع البعض بنصيبهم (15: 18)، غير أن الآخرين يلازمهم التبرم (5: 9)، لأن رغباتهم طموحة جدًا (1: 13؛ 2: 1-3؛ 3: 11)، لهذا يغلبهم الإحساس بالإحباط.
5. يُذكرنا السفر بحقيقة ثابتة لا يجب أن ننساها وهي أننا سنموت يومًا ما، وإن كل أحد سيُقدم حسابًا عن أعماله. هذا يحثنا بقوة لاستغلال الفرص الحاضرة (اُنظر 2: 14-16؛ 3: 17-21؛ 5: 15-16؛ 6: 12؛ 8: 7-8؛ 9: 2-6، 12: 1-7).
خامسًا: الحكمة في سفر الجامعة
تكررت كلمة "حكمة " و"حكيم " 44 مرة في هذا السفر.الحكمة تخص الله وحده،وهو يهبها لبني البشر (2: 26). ولئلاَّ نظن أنها مجرد أمور عقلانية لذلك يقدم لنا أمثلة كيف تُفهم الحكمة العملية (8: 2-6، 10: 1-11؛ 11: 6). وقد جاء تحذير الجامعة النهائي يؤكد أن الحياة ليست معرفة مجردة لكنها عمل (12: 12-14)
وهناك علاقة وثيقة بين الحكمة والسعادة، فالحكمة تنير وجه الإنسان وتغير طبيعته الصلبة والجافة إلى الحب والحنو (8: 1). إنها تُحيي صاحبها (7: 12).
السفر من الناحية اللغوية و التعبيرية :
اولا الدراسات اللغوية:
اظهرت الدراسات اللغوية ان السفر فريد فى لغته و تتميز بخصائص بارزة ،بعبارة اخرى انه يختلف ايضا فى لغته عن الكتابات العبرية فى فترة ما بين العهدين المعروفة لنا ، مثل سفر حكمة يشوع بن سيراخ الذى قد تأثر بشدة بسفر الجامعة و كذلك كتابات جماعة قمران. و ليس له شبيه فى الكتابات العبرية فى اى عصر من العصور سواء فى المفردات او النحو او الاسلوب .
كما انه يختلف تماما عن كتابات القرن الخامس قبل الميلاد، و التى منها اسفار زكريا و عزرا و نحميا و استير و ملاخى . كما يختلف عن كل الكتابات السابقة للسبى .
و أقدم ما وصل الينا من مخطوطات هذا السفر هى جزازات من مخطوطات قمران من الكهف الرابع ، و ترجع الى القرن الثانى قبل الميلاد ، و فى هذا دليل على انه سابق لعصر جماعة قمران فهو يختلف تماما عن كتاباتهم.
لا شك ان التفسير الصحيح لخصائصة اللغوية و اسلوبة هو انه من نوع معين من الكتابة ، ولكل نوع لغته و اسلوبه كما فى الاداب اليونانية القديمة ، فللملاحم لغة و اسلوب وللمراثى لغة و اسلوب و لقصائد الحب لغة و اسلوب ، و هكذا . و عندما تبلغ اوجها تتخذ طابعا معينا يصبح تقليدا ملزما لكل من يكتب فيها بعد ذلك ، و هو ما حدث فى كل اللغات السامية القديمة ايضا.، و ليس هناك من نظير له فى الاداب العبرية ، و لكننا نجد به بعض الشبه بالكتابات الكنعانية و الفينيقية القديمة ، مما يرجح ان سليمان قد كتبه باسلوب نشأ اساسا فى فينيقية او المناطق الكنعانية من فلسطين نفسها
و قد جمع م.ج.داهود كل الادلة على اثر الاداب الكنعانية الفينيقية على سفر الجامعة مستعينا بالدراسات اللغوية من القرن الرابع عشر قبل الميلاد فى ألواح ( اوغاريت ) عاصمة الحيثين ، و النقوش البونية ( من قرطاجمة ) ، و ختم بحثه بهذا القول : " ان سفر الجامعة قد كتب اصلا باللغة الغبرية و لكنه استخدم اسلوبا فينيقيا فى الاملاء ، اضفى عليه طابعا واضحا ، و قد ساق ادلته تحت العناوين الاتية : الاملاء الفينيقى – اساليب الصرف و الضمائر و الحروف الفينيقية – قواعد ا للغة الفينيقية – المفردات و التشبيهات الفينيقية.
ان عبارة "تحت الشمس" وردت في هذا السفر لا أقل من ثمان وعشرين مرة، بينما لم ترد مرة واحدة في بقية أسفار الكتاب المقدس. من أجل ذلك يناسب أن نتخذها فكرة أساسية لهذا السفر. أما عبارة "تحت السماء" فذكرت ثلاث مرات، و "على الأرض" سبع مرات، وكلمة "باطل" سبعا وثلاثين مرة. وعلى الإجمال يردد الروح القدس ذكرى الأرض وما عليها من الأباطيل نحو أربعين مرة، ولم يتعدها إلى ذكر ما فوق الشمس إلا قليلاً عند الختام.
نجد في الإصحاح 2 مقابلة مع الإصحاح 7 من رسالة رومية تستلفت الأنظار فإن كلا الإصحاحين ممتلئان من ضمير المتكلم، أي الأنانية، وينتهيان إلى خيبة وكارثة شقاء, ففي ص 2 من سفر الجامعة يقول سليمان: "قلتُ أنا في قلبي هلّم أمتحنك بالفرح ... قلتُ. افتكرتُ. عظَّمتُ عملي. بنيتُ. غرستُ. قنيتُ. جمعتُ. فنظّمتُ. ثم التفتُّ أنا فإذا الكل باطل وقبض الريح". أعاد ضمير المتكلم ستا وثلاثين مرة. وكذا في ص 7 من رسالة رومية يعاد هذا الضمير ثلاثين مرة. للتعبير عما تكون عليه حالة الرسول بولس على افتراض اعتزاله عن المسيح واعتماده على ذاته حيث يصرح بأنها ستكون حالة تعيسة للغاية. ولكنه حالما سها عن نفسه وحصر آماله في المسيح كما ترى في الإصحاح التالي وصل إلى نتيجة في منتهى السعادة "لا دينونة" "انتصار فائق" "لا انفصال عن المسيح".
يشتمل الإصحاح 11 على أقوال مشجعة لخادم المسيح: "ارم خبزك على وجه المياه فإنك تجده بعد أيام كثيرة". الخبز معناه – حسب سياق الكلام – الحنطة. تزرع بعض الحبوب ببذرها على وجه المياه، كالأرز؛ فلما تجف المياه ينبت الحب ويأتي بالأثمار المطلوبة. قال المسيح في مثل الزارع أن الحب أو البذر هو كلمة الله. وفسر "الطريق" "والأماكن المحجرة" والأرض ذات "الشوك" "والأرض الجيدة" بقلوب البشر. ومن هذا المثل نعلم أن قلب الإنسان لا يشتمل، من ذاته، على بذور الملكوت، ولكن تطرح فيه من الخارج بيد الزارع. إن زرع البذار الجيد هو أبداً عمل إيمان. "لأنك لا تعلم أيهما ينمو هذا أو ذاك أو أن يكون كلاهما جيدين سواء". فإن كان الأمر كما ذكر فلا نكف عن إلقاء البذار صبحا ومساء، ولا نرصد الريح ولا نراقب السحب ويقول بولس الرسول لتيموثاوس "اكرز بالكلمة اعكف على ذلك في وقت مناسب وغير مناسب. وبخ انتهر عظ بكل أناة وتعليم".
ثانيا :مفتاح السفر من الكلمات و العبارات الاسترشادية
ذكر اسم الله 41 مرة مستخدما تعبير (ألوهيم) الخاص بلقبه كخالق أوجد العالم الصالح والنافع ولكن الإنسان أفسده بانحراف فكره.
كلمة باطل تكررت 37 مرة لتؤكد ان العالم بدون الله باطل
تعبير تحت الشمس تكررت 29 مرة حيث يليق بنا ان نرتفع فوقها فننعم بشمس البر فى ملكوته
تعبير تحت السماء تكررت 3 مرات حيث لا يطيق المؤمن الحقيقى ان ان يبقى قلبه تحت السماء متمرغا فى التراب بل يجلس فى السماويات
تعبيرعلى الارض تكرر 7 مرات حيث تشير الارض الى الجسد ان ان يرتفع عن الشهوات
تعبيرقبض الريح تكررت 7 مراتت حيث يكتشف المؤمن ان العالم اشبه بالريح لا يهبه شبعا
تعبير ناجيت قلبى تكررت 7 مرات لكى نتحرر من قيود العالم و يتحد بالله خالقه
كلمة حكمة و حكيم تكررا 44 مرة فى هذا السفر و هى تخص الله وحده وهو يهبها لبنى البشر
شبهات حول سفر الجامعة و الرد عليها :
الشبهة الاولى : يقول سفر الجامعه عن كاتبه في جامعة 1: 12 " كنت ملكا علي اسرائيل " وهذا يعني ان كاتب السفر لم يكن ملك حينما كتب ولكن سليمان استمر ملك حتي موته وتولي بعده ابنه وهذا يوضح ان سليمان ليس كاتب السفر
الرد :
أولا : ان الكلمة المستخدمة بالعربية ( كنت ) هى فى الاصل العبرى (היה ) و لها عدة معانى فى الانجليزية كما ورد فى قاموس سترونج (A primitive root; to exist, that is, be or become, come to pass always emphatic, and not a mere copula or auxiliary): - beacon, X altogether, be (-come, accomplished, committed, like), break, cause, come (to pass), continue, do, faint, fall, + follow, happen, X have, last, pertain, quit (one-) self, require, X use ) اى لها عدة معانى منها جذر بدائي , موجود , اصبحت, يصبح, كسر, سبب, اصبح, استمر , يتبع, وغيره
و فى قاموس برون (to exist, be in existence , to happen, fall out, occur, take place, come about, come to pass ) اى ان معناها يصبح, يستمر, يكون, يحدث, يخرج, يحدث, ياخذ مكان, يحدث, يصبح, يستمر
اذا معني الكلمة اصبحت ولهذا هي اتت 1162 مره في العهد القديم اغلبهم بمعني اصبح وبعضهم بمعني استمر
اذا لغويا لايوجد اشكاليه بل علي العكس الكلمه تؤكد انه اصبح واستمر ملك
بعد ان فهمنا ان الفعل اصبحت واستمريت ملكا فهو لا يزال ملك نفهم جيدا انه يقصد تقدم ايامه في الملك ولكن هو ايضا يستخدم هذا التعبير بقصد ندم شديد علي خطيته التي جعلته يصغر في عين نفسه فهو ياخذ دور الواعظ الذي هو وظيفته القديمه المستمره هي الملك ولكن وظيفته التي يقدمها في هذا السفر هو الوعظ والنصح لكي لا يسقط احد في ما سقط هو فيه فهو يقول بمعني فمع كوني جامعة أي جامع كل الحكمة وكوني ملكاً على أورشليم فأنا سقطت وتعذَّبت. وما زاد حزني أنني في وقت سقوطي كنت ملكاً على شعب الله في مدينة الله. وحدد مدينه الله اورشليم يؤكد انه حزين فلا يستحق ان يكون ملك علي مدينة داود اورشليم
ثانيا : هو يؤكد مره ثانيه انه ملك فمن كان ملك يهودي حكيم ووهب الحكمة بعد داود غير سليمان
ثالثا: وهو دليل مهم جدا هو يقول انه ملك علي اسرائيل في اورشليم وليس ملك علي يهوذا
لان بعد سليمان في بداية ملك ابنه رحبعام انقسمت المملكه الي يهوذا في الجنوب وهي سبطين تحت قيادته واسرائيل في الشمال وهي عشرة اسباط تحت قيادة يربعام
وبالطبع ابناء داود هم ملوك يهوذا فقط في اورشليم ولا يطلق عليهم ملوك اسرائيل . وملوك اسرائيل اولا اسرة يربعام عدو سليمان وبعده كثيرين من اسر مختلفه هم ملوك علي اسرائيل في السامره ولم يكن اي منهم ابن لداود
فتعبير ملك علي اسرائيل في اورشليم هذا يؤكد انه سليمان فقط
الشبهة الثانية : يقول سفر الجامعة 1: 16 " أنا ناجيت قلبي قائلاً: ها أنا قد عظُمْتُ وازددتُ حكمةً أكثر من كل من كان قبلي على أورشليم " فكيف يقولوا ان الكاتب هو سليمان لان لم يكن قبل سليمان الا داود ابيه اذا فالكاتب شخص اخر من المتاخرين
الرد : الاية تقول "انا ناجيت قلبي قائلا ها انا قد عظمت و ازددت حكمة اكثر من كل من كان قبلي على اورشليم و قد راى قلبي كثيرا من الحكمة و المعرفة"
فهو لم يقل عظمت علي ملوك اورشليم ( رغم انه حتي لو قال ذلك ايضا لايوجد فيه خطأ ) ولكن قال عظمت اكثر من الذين كانوا قبلي وبالفعل كان كثيرين قبل سليمان في اورشليم وهم حكماء ومنهم:
ملكي صادق ( تك 14: 18) وَمَلْكِي صَادِقُ، مَلِكُ شَالِيمَ، أَخْرَجَ خُبْزًا وَخَمْرًا. وَكَانَ كَاهِنًا للهِ الْعَلِيِّ.
وادوني صادق ( يش 10: 1 ) "فَلَمَّا سَمِعَ أَدُونِي صَادَقَ مَلِكُ أُورُشَلِيمَ أَنَّ يَشُوعَ قَدْ أَخَذَ عَايَ وَحَرَّمَهَا. كَمَا فَعَلَ بِأَرِيحَا وَمَلِكِهَا فَعَلَ بِعَايٍ وَمَلِكِهَا، وَأَنَّ سُكَّانَ جِبْعُونَ قَدْ صَالَحُوا إِسْرَائِيلَ وَكَانُوا فِي وَسَطِهِمْ"
وادوني بازق ( قض 1: 7) "فَقَالَ أَدُونِي بَازَقَ: «سَبْعُونَ مَلِكًا مَقْطُوعَةٌ أَبَاهِمُ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ كَانُوا يَلْتَقِطُونَ تَحْتَ مَائِدَتِي. كَمَا فَعَلْتُ كَذلِكَ جَازَانِيَ اللهُ». وَأَتَوْا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ فَمَاتَ هُنَاكَ.
هذا بالاضافه الي الحكماء وغيرهم من اليبوسيين الذين كانوا ساكنين في اورشليم قبل داود
وهذا اكده الكتاب فى ( 1 مل 4: 30 ) "وَفَاقَتْ حِكْمَةُ سُلَيْمَانَ حِكْمَةَ جَمِيعِ بَنِي الْمَشْرِقِ وَكُلَّ حِكْمَةِ مِصْرَ.
فهو يؤكد انه سليمان
الشبهة الثالثة : يتهم البعض سليمان الحكيم لاعتناقه لمذهب ابيقور اليونانى ، وذلك بالنظر الى قوله " لَيْسَ لِلإِنْسَانِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيُرِيَ نَفْسَهُ خَيْرًا فِي تَعَبِهِ. رَأَيْتُ هذَا أَيْضًا أَنَّهُ مِنْ يَدِ اللهِ." ( جا 2 :24 ) و " فَرَأَيْتُ أَنَّهُ لاَ شَيْءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَفْرَحَ الإِنْسَانُ بِأَعْمَالِهِ، لأَنَّ ذلِكَ نَصِيبَهُ. لأَنَّهُ مَنْ يَأْتِي بِهِ لِيَرَى مَا سَيَكُونُ بَعْدَهُ؟ " ( جا 3 : 22 )
الرد : لا قيام لهذا الاتهام ، بسبب الفارق الزمنى الشاسع الذى يفصل سليمان الحكيم ( 1015 – 975 ق م ) و بين الفيلسوف اليونانى ابيقور الذى ظهر من (341 – 270 ق م )
اى ان سليمان الحكيم يسبق ابيقور بحوالى سبعة قرون ، و هذا ينفى مجرد احتمال الشك فى اعتناق هذا المذهب.
الشبهة الرابعة : قال الجامعة " قُلْتُ فِي قَلْبِي: «مِنْ جِهَةِ أُمُورِ بَنِي الْبَشَرِ، إِنَّ اللهَ يَمْتَحِنُهُمْ لِيُرِيَهُمْ أَنَّهُ كَمَا الْبَهِيمَةِ هكَذَا هُمْ». 19 لأَنَّ مَا يَحْدُثُ لِبَنِي الْبَشَرِ يَحْدُثُ لِلْبَهِيمَةِ، وَحَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمْ. مَوْتُ هذَا كَمَوْتِ ذَاكَ، وَنَسَمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْكُلِّ. فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ، لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ. يَذْهَبُ كِلاَهُمَا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ. كَانَ كِلاَهُمَا مِنَ التُّرَابِ، وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ كِلاَهُمَا. مَنْ يَعْلَمُ رُوحَ بَنِي الْبَشَرِ هَلْ هِيَ تَصْعَدُ إِلَى فَوْق؟ وَرُوحَ الْبَهِيمَةِ هَلْ هِيَ تَنْزِلُ إِلَى أَسْفَلَ، إِلَى الأَرْضِ؟" ( جا 3 : 18 – 21 )
يتخذ البعض هذا من هذا النص دليلا لاتهام سليمان بعدم الايمان بالخلود
الرد : لم يذكر سليمان فى النص ما يشير الى فناء الانسان، او عدم خلوده و لكنه قصد ان بثير الشك حول الفرق بين نهايته و نهاية البهيمة بعد الموت ، و ذلك بقوله " مَنْ يَعْلَمُ رُوحَ بَنِي الْبَشَرِ هَلْ هِيَ تَصْعَدُ إِلَى فَوْق؟ وَرُوحَ الْبَهِيمَةِ هَلْ هِيَ تَنْزِلُ إِلَى أَسْفَلَ، إِلَى الأَرْضِ؟" و معنى هذا اننا لا نستطيع ان نقيم الدليل المادى الملموس ، على صعود روح بنى البشر الى اعلى او هبوط روح البهيمة الى اسفل
و هو بهذا النص يؤكد وجود الروح كما اكد فى نهاية السفر خلودها فى قوله " فَيَرْجعُ التُّرَابُ إِلَى الأَرْضِ كَمَا كَانَ، وَتَرْجعُ الرُّوحُ إِلَى اللهِ الَّذِي أَعْطَاهَا..... لأَنَّ اللهَ يُحْضِرُ كُلَّ عَمَل إِلَى الدَّيْنُونَةِ، عَلَى كُلِّ خَفِيٍّ، إِنْ كَانَ خَيْرًا أَوْ شَرًّا." ( جا 12 : 7 – 14 )
يبقى هنا تصريحه بوجود روح للبهيمة ، الامر الذى يلزمنا بمقارنة ترجمات مختلفة ، و لنلاحظ انه اورد هذا السؤال فى صيغة سؤال استنكارى على زعم اسطورى بين المذاهب الوثنية قديما
فلم يقرر سليمان الحكيم وجود روح خالدة للبهيمة لكنه يسأل سؤالا استنكاريا ، اذا كان احد قد رأى ببصره روحا للبهيمة و هى تهبط الى الهاوية ، حسب ادعاءات بعض الاساطير . فكان سؤاله هذا فى صيغة نفى للادعاء المذكور ، و خاصة انه لم يكرر او يؤكد تلك العقيدة فى نص اخر .
الخلاصة :
يعتبر هذا السفر شرح مطول على آية واحدة من كلام المسيح "من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا.
" كما ان سفر الجامعة يقدم لنا نفسه على انه سفر حكمة النضج و الخبرة و الحنكة لملك قد تعلم اختباريا بُطل الحياة متى كان لها هدف غير مجد الله. لقد تحقق من الخسارة الفادحة التى تصيب الانسان الذى يربح العالم كله و لكنه يخسر نفسه. لقد حصل على ثروة و قوة بلا حدود ليختبر كل ما يمكن للعالم ان يمنحه . لقد حصل على اعظم معرفة و حاز شهرة لا نظير لها فى الحكمة ، و كان امامه المجال واسعا بلا حدود او قيود للاستمتاع باللذات الجسدية . و لكن كل هذه الوسائل الزائفة لاعظم صور الحياة المترفة قد ادت بن فى النهاية الى الاحساس بالفراغ و الخواء ، فوجد ان الكل باطل .و ادرك انه فى الله وحده يستطيع الانسان ان يجد القيمة الحقيقية و الرضا الدائم.
هذا هو ما اراده سليمان ان يتركه وراءه لشعبه العنيد بل و لجميع الناس من الاجيال المتعاقبة الذين يبحثون عن السعادة فى العالم و لكن السعادة الحقيقية هى فى الله و فى اتمام مشيئته الكاملة.
الى هنا اعاننى السيد المسيح.
اذكرونى فى صلواتكم
أغنسطس اكليريكى / مينا ثروت قلادة
المراجع:
1. الكتاب المقدس
2. مقدمات العهد القديم - د/ وهيب جورجى كامل – رابطة خريجى الاكليريكية – الطبعة الرابعة – 2019
3. دائرة المعارف الكتابية - دار الثقافة – الطبعة الثانية - الجزء الثانى
4. المسيح فى جميع الكتب – ا. م . هودجكن 1923 – نسخة اليكترونية – الباب الرابع – الفصل الرابع
5. لقاءات مبسطة و متهللة مع العهد القديم – ابونا تادرس يعقوب ملطى – الطبعة الثانية
6. مقدمة تفسير سفر الجامعة – دعوة من الجامعة الى الحياة الجامعة - ابونا تادرس يعقوب ملطى - نسخة الكترونية على موقع الأنبا تكلا هيمانوت https://st-takla.org
7. مقدمة تفسير سفر الجامعة - ابونا انطونيوس فكرى - نسخة الكترونية على موقع الأنبا تكلا هيمانوت https://st-takla.org