الخادم الروحي ايقونه جميلة في سماء الكنيسة

الخادم الروحى هو أيقونة جميلة فى سماء الكنيسة ، هو حركة دائبة دائمة متجهة نحو الله ، بل انه هو حركة داخل قلب الله ،هدفه هو الله، ينقاد بالروح اليه ليس هذا فقط بل و يقود اليه اخرين ايضا.

و تستخدم المسيحية لفظة الخادم لتعبر عن كل انسان يقدم نفسه للمسيح من خلال خدمتة للاخرين. لذلك ينبغى على الخادم أن يقتدى بالرب يسوع له المجد الذى قال " تعلموا منى لانى وديع و متواضع القلب" ( مت 11 : 29 ) ، يكرس حياته لخدمة الاخرين بأمانه و وداعة و اتضاع حتى تكمل أيامه، فيستحق سماع ذلك الصوت المملؤ فرحا القائل نعما أيها العبد الصالح و الأمين كنت امينا على القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك" ( مت 25 : 23 )

و فى بحثنا هذا سنتحدث قدرما يعيننا الله عن الخادم الروحى ، من هو و كيف يكون ، مبادئه ،دوره و مسئولياته ، انماط خدمته و السمات الواجب توافرها فيه وسنعرض الايات الكتابية التى تتحدث عن الخدمة و الخادم و ايضا اقوال الاباء فى هذا الشأن

تعريف الخادم :

تتعدد و تتباين التعريفات حول شخص الخادم الروحى ، فهناك من يعرف الخادم من حيث اهمية  دوره و قيمته ، او من يُعَّرِفَهُ من حيث سماته الشخصية و الروحية او من يُعَّرِفَهُ من حيث مسئولياته الادبية و الابدية

و كل هذه التعريفات انما تضع امام اذهاننا الصورة الكاملة للخادم الروحى الامين، فهى مكملة لبعض و سنتعرض لها بصورة شاملة .

ومن غنى مجد الله انه دائما ما يرسل خداما أمناء لنا على مر العصور فلا يترك نفسه بلا شاهد، حتى انه لم يخل يوما من وجودهم و ما فرغت ساعة من عملهم " الصَّانِعُ مَلاَئِكَتَهُ رِيَاحًا وَخُدَّامَهُ لَهِيبَ نَارٍا ملتهبة" ( مز 104 )

فهناك الكثير من الخدام الذين غمرتهم المحبة الإلهية وساقتهم النعمة الإلهية فسطروا أعمالهم واقوالهم عبر التاريخ بسطور من ذهب منهم على سبيل المثال وليس الحصر تلاميذ السيد المسيح الاثنا عشر، و رسل السيد المسيح كبولس الرسول، والقديس العظيم مارمرقس الرسول ،كاروز ديارنا المصرية، و الاباء الرسوليين، و الاباء البطاركة، كالبابا ديونيسيوس الرابع عشر، و البابا ديمتريوس الثامن عشر، و على راسهم القديس العظيم البابا اثناسيوس الرسولى حامى الايمان .

يقول مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث " الخادم الروحى هو لحن جميل فى سمع الكنيسة ، هو جسر ينقل غيره من شاطئ العالميات الى شاطئ الروحيات ، الخادم الروحى هو نعمة إلهية ارسلت من السماء الى الارض، ليقدم للناس مذاق الملكوت، و طعم الحياة الحقيقية"

"الخادم الروحى هو انجيل متجسد او كنيسة متحركة ، هو صورة الله امام تلاميذه ، انه انموذجا و قدوة للمثل العليا و العمل الصالح ، بل هو وسيلة ايضاح لكل الفضائل "

بهذا التعريف البليغ البسيط عرف لنا قداسة البابا شنودة الثالث من هو الخادم الروحى، و فيما كان يضع تعريفا عاما، نجد ان كل كلمة تنطبق على قداستة حرفيا.

مبادئ الخادم الروحى:

للخادم الروحى بصفة عامة مبادئ مشتركة تظهر فى الخدمة ، هذه المبادئ هى التى تجعل الله تبارك اسمه  يبارك و يثمر فى الخدمة و من أهمها :

  • الحاجة الدائمة الى الامتلاء من الله بالصلاة و الانسحاق ساكبا نفسه امام الله حتى ويمتلئ و يفيض على من حوله. "هؤلاء كلهم كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة" (أع14:1) و "مصلين بكل صلاة وطلبة.. لأجل جميع القديسين ولأجلي، لكي يُعطى لي كلام عند افتتاح فمي" (أف6: 18، 19).
  • التزامه في الخدمة نابع من تكليف الرب يسوع له كقوله " فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ "( مت 28 :19 )
  • انه انسان مسئول عن خلاص نفوس كل من حوله ليس فقط مخدوميه ( أى خدمة كل انسان و كل الانسان اجتماعيا و روحيا و ثقافيا و ماديا ) "نَائِلِينَ غَايَةَ إِيمَانِكُمْ خَلاَصَ النُّفُوسِ" ( 1بط 1 : 9 )
  • متضع يشعر انه غير مستحق للخدمة مهما عظم شأنه ، لان الله هو من تفضل عليه بها و دعاه الى الخدمة. " اذ ليس الغارس شيئًا، ولا الساقي شيئًا. لكن الله الذي ينمي" (1كو7:3).
  • أن الله هو المتكلم فى الخدمة و انه يتكلم بما يضعه الله في فمه. "لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم" (مت20:10).
  • الله هو الذي يعطي القوة والتأثير
  • الخادم خادما في أي مكان وجد فيه (الأسرة - البيت - الكنيسة - الشارع – المواصلات - العمل - الكلية - الإجتماعات ... الخ)
  • الخادم يجب ان يكون معطاء دون انتظار مقابل من بشر لان الخدمة عطاء
  • الخادم الروحى اذا اهتم بخدمة لا يتركها الا و هى على اكمل وجه.
  • ان الخدمة حب وبذل كما ان قوة الخدمة تظهر في صعوبتها واحتمال هذه الصعوبة بكل فرح "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." (يو 3: 16) "فَاشْتَرِكْ أَنْتَ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ." (2 تي 2: 3).

السمات الواجب توافرها فى الخادم الروحى

  • أن يكون رجل صلاة من اجل نفسه و من اجل خدمته و مخدوميه . " واما انا فحاشا لى ان اخطئ إلى الرب فأكف عن الصلاة من أجلكم بل أعلمكم الطريق الصالح المستقيم" . (1صم23:12)
  • أن يكون قدوة صالحة و مثالا حيا لتعاليمه. "لاَ يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ،بَلْ كُنْ قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْكَلاَمِ، فِي التَّصَرُّفِ، فِي الْمَحَبَّةِ، فِي الرُّوحِ، فِي الإِيمَانِ، فِي الطَّهَارَةِ." (1 تي 4: 12)
  • ان يكون محبا و متواضعا : قلبه يسع الجميع بلا تمييز ، حتى المسيئين اليه، يضع امام عينيه قول السيد المسيح "فان كنتم تحبون الذين يحبونكم فاى فضل لكم " ، بِهَذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضاً لِبَعْضٍ» (يو  13 :  35)
  • أن يكون قارئا مطلعا بنحو كبير ويهتم بجوهر و عمق تعاليمه، فيجب ان تتسم تعاليمه بكونها ارثوذكسية ، كتابىة ، لاهوتية ، ليتورجية، ابائية و تحمل عمقا روحانيا ، يلهج بالروح فيكون ذو فاعلية و تأثير في نفوس مستمعيه ، يخرج من كنزة جددا و عتقاء. "و أما من عمل و علم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السموات " ( مت 5 : 9 ) " لاحِظْ نَفْسَكَ وَالتَّعْلِيمَ وَدَاوِمْ عَلَى ذلِكَ، لأَنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ هذَا، تُخَلِّصُ نَفْسَكَ وَالَّذِينَ يَسْمَعُونَكَ أَيْضًا." ( تى 4 : 16 )
  • أن يكون انسانا جادا و مسئولا حتى و ان كان الأصغر بين الخدام. "لاَ يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ، بَلْ كُنْ قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْكَلاَمِ، فِي التَّصَرُّفِ، فِي الْمَحَبَّةِ، فِي الرُّوحِ، فِي الإِيمَانِ، فِي الطَّهَارَةِ." (1 تي 4: 12 )
  • يجب أنْ يتسم بالطاعة الى الله و الرؤساء فى الخدمة. "أَطِيعُوا مُرْشِدِيكُمْ وَاخْضَعُوا، لأَنَّهُمْ يَسْهَرُونَ لأَجْلِ نُفُوسِكُمْ كَأَنَّهُمْ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا، لِكَيْ يَفْعَلُوا ذلِكَ بِفَرَحٍ، لاَ آنِّينَ، لأَنَّ هذَا غَيْرُ نَافِعٍ لَكُمْ" (عب13: 17)
  • يجب أنْ يتسم بالتلمذة المستمرة ، فالمسيحيين في العصر الرسولى كانوا يُدْعَون تلاميذًا والسيد الرب لمَّا أرسل الأحد عشر للكرازة قال لهم "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم" (مت19:28)
  • الخادم الروحى ليس لديه وقت فراغ لانه دائما مشغول بالخدمة
  • الخادم الروحى لا يحب الظهور او المديح بل ينسب النجاح و الفضل دائما للرب يسوع ." يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ" ( يو 3 :30 )
  • الخادم الروحى يكون وقورا،تقيا و طاهرا " وَأَمَّا الْخُرَافَاتُ الدَّنِسَةُ الْعَجَائِزِيَّةُ فَارْفُضْهَا، وَرَوِّضْ نَفْسَكَ لِلتَّقْوَى "( 1 تى 4 : 7 )
  • الخادم الروحى يزن كلامه بميزان الذهب ، فيكون حريص على اختيار الفاظة و يعرف متى يتكلم و ماذا يقول . " تُفَّاحٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي مَصُوغٍ مِنْ فِضَّةٍ، كَلِمَةٌ مَقُولَةٌ فِي مَحَلِّهَا." (أم 25: 11)
  • الخادم الروحى له عشرة مع القديسين و مختبر قوة شفاعتهم كمثل البابا كيرلس و علاقته بالقديس العظيم مارمينا العجايبى و الام ايرينى و علاقتها بالقديس فيلوباتير مارقوريوس ابو سيفين." انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ." (عب 13: 7)
  • الخادم الروحى يجب ان يكون ذو مرجعية كتابية و ابائية جامعة.

دور الخادم الروحى و مسئولياتة الكنسية

  • ان الدور الرئيسى للخادم هو جذب النفوس الى المسيح ، فالهدف هو المسيح ، ولكى يحقق الهدف يجب ان تكون الوسيلة ايضا بالمسيح ، فالمسيح هو الهدف و الوسيلة .
  • الخادم الروحي يلتهب قلبه بمحبة الله وملكوته و حرارة الروح، يريد أن يعطى الله كل وقته وكل عمره، فيهتم أولًا بمن يريد التوبة، و يمتد اهتمامه ايضا بمن لا يريد. يتعامل مع الحالات التي تصل إليه من الخاطئين، لكي يقودهم إلى الإيمان وإلى التوبة. ثم يتدرج إلى البحث عن الضالين الذين لا يهتمون بأنفسهم، والذين لا يهتم بهم أحد. يجول باحثًا عن النفوس الضالة بكل تعب وجهد، وبكل حرارة وحب و هنا يأتى دور الخادم فى الافتقاد.
  • الخادم الروحى يهتم بالافتقاد فيذهب لأعضاء المسيح المتباعدة، ويدعوها لكي تثبت في المسيح بالتوبة و الاعتراف وممارسة الاسرار المقدسة .[ أعجبتنى مقولة لنيافة الانبا رافائيل عند الافتقاد يقول " انا مش جايلك افتقدك لانك وحش و أنا حلو . لا ابدا . بل لان الكتاب بيقول " عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِهذَا الْكَلاَمِ" (تس 4: 18) فانا جايلك ازورك النهاردة بكلام الكتاب المقدس و انت تيجى تزورنى بكرة ايضا بكلام الكتاب المقدس ]
  • الخادم الروحى يشجع صغار النفوس و الضعفاء و البعيدين و كل من ليس له احد يسأل عنه،يرفع من نفسيتهم و يسندهم و يقويهم و يتابعهم باستمرار و لا ينفر منهم او يتهرب منهم.
  • الخادم الروحى يجب ان يملء الكل بالرجاء و يدرك ان هناك نفوس حساسة مرهفة ليس لها قوة احتمال فيعاملهم برفق و يبث فيهم الثقة و الرجاء . شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ" (تس 5: 14)
  • الخادم الروحى يهتم بِالعَمَل الفَرْدِي وَيُلاَحِظْ المُشْكِلَة وَالسُلُوك الفَرْدِي وَالضَّعْف الفَرْدِي وَيُلاَحِظْ أنَّ هذَا المَخْدُوم قَدْ دَخَلَ لَهُ فِكْر جَدِيد او سلوك غَرِيبْ . لِذلِك الخِدْمَة الفَرْدِيَّة مُهِمَّة الْمَسِيح لَهُ المَجْد إِنْفَرَدٌ بِنِيقُودِيمُوس وَانْفَرَدٌ بِزَكَّا وَبُطْرُس كَانَ لَهُ إِنْفِرَادَات عَدِيدَة أيْضاً فِي نَفْس الوَقْت يَنْجَح فِي خِدْمِة مَجْمُوعَات عَدِيدَة هذَا هُوَ الخَادِم يَهْتَمْ بِفَرْدٌ فَرْدٌ وَيَنْجَح فِي خِدْمِة المَجْمُوعَة وَيَعْرِف إِحْتِيَاجَات كُلَّ إِنْسَان وَيَشْعُر أنَّ كُلَّ إِنْسَان لَهُ قِيمَة وَلَهُ دُور و يعرف كيف يوظف امانياته داخل الكنيسة و الخدمة.
  • للخادم دور فى قوة الكلمة الفعالة من حيث الصلاة قبلها والتدقيق فى التحضيرلها بحيث تكون شاملة و مركزة و معاشة فتستكمل قوتها بالروح القدس الذى يجذب أذن السامعين و ينخس قلوبهم (أع2: 37) ويقودهم إلى التوبة فالخادم يشجع الشعب دائما على التوبة و الاعتراف .
  • كلمة شماس تعنى خادم و لكن ليس كل خادم شماس . والشمامسة لهم دور ليتورجى داخل الكنيسة هام جدا فيجب عليه الاهتمام بدراسة اللغة القبطية ،و حفظ الحانها ،و المشاركة الفعلية في القداسات والتسبحة مبكرًا، و يجب ان يكون الشماس ملمًا إلمامًا كبيرًا بعلوم الكنيسة المختلفة وليس بالأمور الطقسية فقط ، بالاضافة الى الكرازة و التعليم.
  • الخادم الروحى يجب ان يلاحظ نفسه ويدقق فى ما يتسلمه من تعليم و يحرص على تسليمه بفهم و امانة كما تسلمة و يعرف ان يميز بين تعاليم كنيستة الصحيحة ويفرز التعاليم الغريبة المنحرفة. " وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ، أَوْدِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاءَ، يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضًا." (2 تي 2: 2)

أنماط الخدمة و انواعها

  • من حيث رتبة الخادم:

هناك مسئوليات للرتب الكنسية تنظم الخدمة الليتروجية داخل الكنيسة . فالاسقف ليس كالقس ليس كالشماس و لكن مسئولية الخادم  فى الخدمة العامة لا تتوقف على  رتبتة الكنسية حتى و ان كان بلا رتبة كنسية، كمثال : القديس مارأفرام السرياني الذى جاهد ضد الاريوسية قبل رسامته اغنسطسا فقط و كان يشعر انه غير مستحق لها، و القديس سمعان الخراز الذى لم ينل اية رتبة كنسية و لكنه نقل جبل المقطم ، و القديس الأنبا رويس الذى دعته الكنيسة من ابائها بالرغم من انه لم ينل اية رتبة كنسية ايضا.

  • من حيث زمن و مدة الخدمة:

فى اغلب الخدمات نجد اجيالا تسلم و ترعى اجيالا جديدة من الخدام ، لان كنيستنا القبطية ام ولود ، فيجب على الكبير ان يحتوى و يرعى الاحدث فى الخدمة ، و على الاحدث ان يحترم و يوقر الكبير .

على الكبير ان يستمع لافكار الخادم الاحدث باهتمام  ويناقشها باحترام و بموضوعية . و على الصغير ان يتفهم و يفهم خبرة من سبقوه بمحبة  و حكمة . و بالرغم من هذا نجد ان :

الخادم الروحى لا يحتاج الى زمانا طويلا فى الخدمة حتى يكون مؤثرا.فكما قال بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الاسقف " لاَ يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ، بَلْ كُنْ قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْكَلاَمِ، فِي التَّصَرُّفِ، فِي الْمَحَبَّةِ، فِي الرُّوحِ، فِي الإِيمَانِ، فِي الطَّهَارَةِ." (1 تي 4: 12)

 فالسيد المسيح نفسه كانت خدمة تجسده قصيرة حوالي ثلاث سنوات وثلث، قال عنها للآب: العمل الذي أعطيتنى قد أكملته (يو17:4). وقال عنها أيضًا "أنا مجدتك على الأرض".. أتم الفداء، والتعليم، وقدم القدوة، وصحح الأخطاء، وأعاد الصورة الإلهية للناس.

يوحنا المعمدان: خدم سنة أو سنتين بالأكثر. ولكنه استطاع خلال تلك الفترة القصيرة أن يهيئ الطريق أمام الرب، ويعدّ له شعبًا مستعدًا ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته " لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا" (لو1: 17) حتى وصفه الرب يسوع قائلا " لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ " ( مت 11 : 11 )

و البابا كيرلس الرابع، مدة حبريته أقل من 8 سنوات. ومع ذلك منحته الكنيسة عن هذه الفترة لقب (أبو الإصلاح) من أجل عمق الخدمة التي قدمها.

فالخدمة إذن لا تقاس بطول مدتها، وإنما بعمقها

  • من حيث أنشطة الخدمة :

هناك أنواع عديدة من الخدمة. وكل إنسان يخدم حسب النعمة المعطاة له من الله. ولا يستطيع إنسان أن يقول إن الله لم يهبه أية إمكانات للخدمة. لابد أنه يستطيع أن يفعل شيئًا. والإنسان الذي فيه روح الخدمة، تجده يخدم في كل مجال: في البيت، في مكان العمل أو الدراسة، في الكنيسة، في الطريق، في النادي.

وهناك خدمات روحية تكون على مستوى الروح  و الكلمة و الكنيسة و الاسرار

وهناك ايضا  الخدمات الاجتماعية  التى تشمل النواحى الاجتماعية و السيكولوجية  التى  تشمل الانشطة الثقافية  ( كالمكتبة و وسائل الايضاح و تعليم الكمبيوتر و اللغات  ) و الفنية ( كالمسرح و الاعمال اليدوية و الورش الفنية ) و الترفيهية ( كالرحلات والمؤتمرات )  و الرياضية ( كالنادى و المسابقات البدنية )  و التنموية ( كلجان التوظيف و الكشافة  ) بالاضافة لدور الايتام و المسنين والعيادات و المستشفيات المسيحية و بيوت الطلبة المغتربين و سد احتياجات المسجونين و اسرهم . تلك الاحتياجات التى عبر عنها ربنا يسوع المسيح بقولة  "كنت جوعانًا فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني. كنت غريبًا فآويتموني، عريانًا فكسوتموني، مريضًا فزرتموني. محبوسًا فأتيتم إليَّ" (مت 25: 35-40) ويشرح ذلك بقوله "بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي قد فعلتم". معتبرًا كل هؤلاء المحتاجين باحتياجات متنوعة كشخصه تمامًا.

ويقول الكتاب أيضًا "اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللهِ الآبِ هِيَ هذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِلاَ دَنَسٍ مِنَ الْعَالَمِ" (رسالة يعقوب 1: 27).

"يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ" (لو 11: 42)

بعض اقوال الاباء عن الخادم الروحى

  • الخادم الروحي هو روح، وليس مجرد عقل. إنه العظة قبل أن يكون واعظًا ( قداسة البابا شنودة الثالث )
  • لا مكان في الخدمة لخادم لا ينفتح قلبه بالحب للجميع ولا مكان في الخدمة للخادم الذي يبحث عن كرامته وذاته … الحب يا أخي الحبيب .. الحب هو الذي يخلص النفوس لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ ( د. أنسي نجيب سوريال – كتاب الخدمة الكنسية )
  • إسكب نفسك أمام اللـه قبل الخدمة، لكي يعطيك الكلمة المناسبة النافعة للناس ( قداسة البابا شنودة الثالث )
  • الخادم المحب للظهور بذاته وبخدمته يفرح قلب الشيطان ( أبونا بيشوى كامل )
  • الخدمة هى مساعدة المخدومين على تدفق الماء الحى من ينابيعهم باستمرار فى حياتهم اليومية . ( أبونا بيشوى كامل )
  • هل للكنيسة وخدامها اليوم قلب المسيح لقبول الخطاة! وهل إذا دخلت السامرية الكنيسة اليوم،أترى سندينها بكبرياء بينما يقف يسوع وحده باتضاع يقول لها أعطنى لأشرب .(أبونا بيشوى كامل )
  • من لا يقبل ان يخدم سيدا واحدا ،سيخدم كثيرين ( مار افرام السريانى )
  • ان عمل الخدام فى عرس ابن الملك لم يكن سوى جذب الصالحين و الاشرارالى الوليمة (القديس اغسطينوس )
  • مع اهتمامنا بتربية الابناء الروحيين ،فاننا ننسى من اجلهم ضرورياتنا و شهواتنا و راحتنا (القديس اغسطينوس )
  • كن كارزا بصلاح الله و هو يحفظك رغم عدم استحقاقك ( اسحق السريانى )
  • لا نستطيع ان نثبت فى خدمة المسيح كما يجب ، ان لم نغصب انفسنا فى كل وقت ( اسحق السريانى )
  • ليس احد قادر ان يعلم دون ان حاجة الى التعلم سوى الله نفسه ( القديس باسيليوس الكبير )
  • يليق بالكارز بالكلمة ان يكون لطيفا و رحوما ، خاصة نحو الذين يعانون من الام النفس ( القديس باسيليوس الكبير )
  • الذين يرعون رعية المسيح على أنها تصير خرافًا لهم، وليس للمسيح، يُظْهِرون أنهم محبون لأنفسهم لا للمسيح ( القديس اغسطينوس )
  • إن كان الجنين الجسدي يحتاج إلى شهور طويلة إلى أن يتكامل نموه ويخرج، فلنصبر إذن على الجنين الروحي حتى يكمل نموه.( القديس يوحنا ذهبي الفم )
  • سأطلب الذي ضلّوا..  سأبحث عن المفقودين، وسأجاهد من أجل ذلك في وقت مناسب وغير مناسب.. سأتعقَّبهم في المآزِق والعراقيل، حتى ولو انغرست فيَّ الأشواك (القديس اغسطينوس).

 

الختام :

الله لا يترك نفسه بلا شاهد ، و كنيستنا القبطية الارثوذكسية مليئة بالخدام الروحيين الامناء على مر عصورها ، و لطالما جالوا حولنا و تقابلنا معهم وتأثرنا بهم وتعلمنا منهم و اقتدينا بهم و لكم تمنينا ان نكون مثلهم  .

و هم ايضا اذا راجعناهم و سألناهم سينسبون الفضل لخدام اخريين ،كانوا قد تأثروا و تعلموا و اقتدوا بهم و هكذا تستمر الرسالة من جيل الى جيل ( لماذا ؟ ) لان المحور و المركز و القدوة هو لشخص واحد ربنا يسوع المسيح له المجد و الكل قد اخذ من ملئه" وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعًا أَخَذْنَا، وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ." ( يو 1 : 16 ) ، ان كان هو هدفهم و غايتهم و هو ايضا وسيلتهم  نمتلئ من كل نعمة بالمسيح و نلهج بالروح القدس فنرضى الله الاب .

و لإلهنا كل المجد و الاكرام و العظمة و السلطان الآن و كل اوآن و الى دهر الدهور . آمين

 

المراجع :

  • سلسلة الخدمة الروحية و الخادم الروحي ( الجزء الاول و الثانى و الثالث و الرابع ) - قداسة البابا شنودة
  • الروح القدس وعمله فينا - قداسة البابا شنودة الثالث
  • الافتقاد – من مقالات الأنبا رافائيل الأسقف العام
  • توجهات فى الخدمة – ابونا انطونيوس فهمى
  • د. أنسي نجيب سوريال – كتاب الخدمة الكنسية
  • سلسلة سير و أقوال الاباء ( الجزء الاول و الثالث و الرابع )
  • العلامة اوريجانوس ( اقواله )
  • القديس باسيليوس الكبير ( الجزء الثالث )
  • موقع القديس تكلا هيمانوت الحبشى الاليكترونى للكنيسة القبطية الارثوذكسية

اذكرونى فى صلواتكم

اغنسطس اكليريكى / مينا ثروت قلادة