القديس مار مرقس هو أبونا نحن الأقباط في الإيمان، وهو مصدر اصيل في اعتزازنا و فخرنا بهويتنا المسيحية القبطية ، وهو سر حياتنا في الرب يسوع المسيح إلهنا وفادينا ومخلصنا، وذلك عندما وَلَدَنا في المسيح يسوع بالإنجيل (1 كو 4: 15)، حتى اصبحت كنيسة الإسكندرية كلها مولودة من القديس مار مرقس، الذى يحمل كل أولاده نفس إيمانه الأقدس، ويشعرون ويدركون وجوده معهم ومساندته الدائمة لهم بشفاعته و صلواته عنا.
كان القديس مار مرقس يحمل في قلبه إيمانًا مُعاشًا بالمسيح الإله والفادي والمخلص. وهذا الإيمان الحي الصادق، كان أمرًا طبيعيًا لأن القديس مرقس ارتبط بالسيد المسيح له المجد، وانضم إليه، وتبعه مثل كل التلاميذ الأطهار. وقد أختاره رب المجد ضمن السبعين رسولًا الذين عينهم وأرسلهم أمام وجهه إلى كل مدينة للكرازة في المسكونة.
تبع مارمرقس الرب يسوع وسار معه في كل مكان، ونظر أعماله ومعجزاته، وسمع كل تعاليمه المحيية. وكان مار مرقس شاهدًا لآلام المسيح أيضًا، لذلك نقول له في الذكصولوجية "يا مرقس الرسول والإنجيلي الشاهد لآلام الإله الوحيد الجنس...".
نشـــــأته:
اسمه يوحنا الملقب مرقس الذي تردد اسمه كثيرًا في سفر الأعمال والرسائل شأنه شأن الكثير من المواطنين الرومانيين من اليهود. ف اسمه العبرى هو : يوحنا ويعني "يهوه حنان"، والاسم الرومانى له هو مرقس و يعني "مطرقة".
وُلد القديس مرقس في القيروان Cyrene إحدى المدن الخمس الغربية بليبيا، في بلدة تُدعى ابرياتولس، من أبوين يهوديين من سبط لاوي، اسم والده أرسطوبولس، ووالدته اسمها مريم امرأة تقية لها اعتبارها بين المسيحيين الأولين في أورشليم.
تعلم اليونانية واللاتينية والعبرية وأتقنهم
إذ هجمت بعض القبائل المتبربرة على أملاكهم تركوا القيروان إلى فلسطين وطنهم الأصلي وسكنوا بأورشليم.
نشأ في أسرة متدينة كانت من أقدم الأسر إيمانًا بالمسيحية كما ذكرنا سابقا.
كان مرقس يمت بصلة قرابة للرسول بطرس إذ كان والده ابن عم زوجة القديس بطرس الرسول أو ابن عمتها. كما كان يمت بصلة قرابة لبرنابا الرسول بكونه ابن أخته (كو 4: 10)، أو ابن عمه، وأيضًا بالقديس توما الرسول.
علاقته بالسيد المسيح:
تمتع مع والدته مريم بالسيد المسيح ودأبوا على خدمته. كما كان لكثير من أفراد الأسرة صلة عميقة بالسيد المسيح.
فتحت أمه بيتها ليأكل الفصح مع تلاميذه في العلية، فصار من البيوت الشهيرة في تاريخ المسيحية المبكر. وهناك غسل رب المجد أقدام التلاميذ، وسلمهم سرّ الإفخارستيا، فصارت أول كنيسة مسيحية في العالم دشنها السيد بنفسه بحلوله فيها وممارسته سرّ الإفخارستيا. وفي نفس العُلية كان يجتمع التلاميذ بعد القيامة وفيها حلّ الروح القدس على التلاميذ (أع 2: 1-4)، وفيها كانوا يجتمعون. وعلى هذا فقد كان بيت مرقس هو أول كنيسة مسيحية في العالم اجتمع فيها المسيحيون في زمان الرسل (أع 12: 12).
ووسط هذه الاجواء فمن الطبيعى ان يلتقى و يشاهد السيد المسيح ويتعلم و يمتلئ منه و يتأثر به، حتى صارمن ضمن السبعين رسولًا الذين اختارهم السيد المسيح للخدمة، وقد شهد بذلك العلامة أوريجينوس والقديس أبيفانيوس . ، لذا لقبته الكنيسة: "ناظر الإله".
و يذكر لنا الكتاب المقدس في تاريخ القديس مار مرقس حقيقة انه "ناظر الإله"، وانه كان شاهدا لاحداث كثيرة منها:
ان دخل الرب يسوع بيت مار مرقس مرارًا، لأن مريم أم مرقس كانت تستضيف الرب وتلاميذه، لأنها كانت من المريمات اللائي تبعن الرب، وهي أيضًا إحدى المريمات اللائي ذهبن إلى القبر بعد موت الرب ودفنه.
في بيت مار مرقس كانت أحداث الخميس الكبير، ليلة تسليم الرب، حيث عاين وشاهد ان:
1- الرب يأكل الفصح مع تلاميذه (مت26: 17-20 ومر14: 3 15 ولو22: 10-12).
2- الرب يغسل أرجل تلاميذه (يو13:4 11).
3- الرب يؤسس سر الإفخارستيا، عندما أخذ خبزًا وبارك وكسر وأعطى التلاميذ قائلا خذوا كلوا هذا هو جسدي. وكذلك الكأس قائلًا خذوا اشربوا منه كلكم لأن هذا هو دمى الذي للعهد الجديد (مت26: 26-29 ومر14:22-25 ولو22: 16-20).
كما كانت العلية التي فى بيت مارمرقس شاهدا على احداث ما بعد صلب الرب يسوع حيث:
اختفى التلاميذ فيها بعد صلب وموت ودفن السيد المسيح، وقبيل قيامته المقدسة. ولحين جاءت إليهم مريم المجدلية لتخبرهم أنها وجدت القبر فارغًا وأنهم أخذوا السيد (يو20: 1-10). ومرة أخرى لتخبرهم بقيامة السيد المسيح، وأنها رأته (مت28: 6-10 ومر16:6 و7 لو 24: 9-12).
مكث التلاميذ بعد صعود رب المجد إلى السماء، حيث كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة، مع النساء ومريم أم يسوع، ومع أخوته، وذلك في علية صهيون التي هي إحدى قاعات البيت.. (أع1: 12-14).
كما أختارالروح القدس القديس متياس الرسول بدلا من يهوذا الإسخريوطي. بعد أن ألقى التلاميذ القرعة بينه وبين يوسف (أع1: 15-26).
في يوم الخمسين حلّ الروح القدس على التلاميذ الأطهار، وتكلموا بألسنة، لتبدأ الكرازة والخدمة في الكنيسة منذ هذا اليوم العظيم (أع2: 1-4).
جاء القديس بطرس الرسول، بعد خروجه من السجن بواسطة ملاك الرب، حيث كان التلاميذ والمؤمنون يجتمعون للصلاة من أجله كقول الكتاب".... ثم جاء وهو منته إلى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس، حيث كثيرون مجتمعين وهم يصلون..." (أع 12: 12-16).
صار بيت القديس مار مرقس الرسول أول كنيسة في العالم، وصار مركزًا لكنيسة أورشليم، وصار مقرًا لأسقفها القديس يعقوب أخو الرب، الذي رَأَسَ فيه أول مجمع كنسي، وهو "مجمع أورشليم" الذي حضره جميع الآباء الرسل الأطهار، لمناقشة بعض القضايا التي شغلت الكنيسة في ذلك الوقت، واتخاذ القرارات الحاسمة (أع 15).
ويذكر ان مار مرقس هو حامل جرة الماء، الذي قابله التلميذان في الطريق إلى البيت كقول الرب لهما، لإعداد الفصح (مر14:13 و14)
وكان هو ذلك الشاب الذي تبع الرب في بستان جثسيماني، وهرب عاريًا تاركًا ملابسه عندما قبضوا على رب المجد. وهو الإنجيلي الوحيد الذي ذكر هذه القصة قائلا: "وتبعه شاب لابسًا إزارًا على عريه، فأمسكه الشبان، فترك الإزار وهرب منهم عاريًا..." (مر14:50-52).
سمات شخصيته:
كان القديس مار مرقس له شخصيته المتميزة، وثقافته العالية، وفكره الصائب، ورؤيته الثاقبة. وهذا انعكس على كل أعماله وخدمته وكل كرازته، في كل مكان ذهب إليه. ولذلك ليس عجبًا أن يكون مار مرقس هو أول من كتب الإنجيل، بوحي من الروح القدس، بكل ما لديه من أخبار ومعلومات وأحداث عن حياة السيد المسيح، لأنه لمسها وشاهدها وعاينها بنفسه، لأنه كان مُعايشًا لها ويتتبعها بكل تدقيق وتفاصيل، كما كتب قداسة البابا شنوده الثالث في كتابه الهام "مار مرقس الرسول" يقول: "وقد امتاز مار مرقس في إنجيله بالتدقيق، وذكر تفاصيل كل شيء، سواء في الأسماء، أو الوقت أو المكان، أو العدد أو اللون، حتى الملامح والمشاعر. مما يدل على أن الكاتب كان شاهد عيان لما يسجله".
ومن الثابت تاريخيًا أن "إنجيل مرقس" هو أول وأقدم الأناجيل. وقد كُتب ما بين سنتيّ 43 و67 م باللغة اليونانية. وهو يعتبر لذلك أول وثيقة تاريخية للتقليد المسيحي لحياة السيد المسيح على الأرض. وهذا الإنجيل الأول الذي لمار مرقس، عرفه العالم أجمع، وأخذ به، ولذلك نقول له في الذكصولوجية " تباركت بك كل قبائل الأرض، وأقوالك بلغت إلى أقطار المسكونة".
عمـــله الكــــرازى:
كانت كرازة القديس العظيم مار مرقس في كل العالم أجمع... لقد أنار هذا الكارز المسكوني العالم بإنجيله المقدس، وعلّم الخليقة كلها معرفة الله القدوس في كل مكان، وكل موضع ذهب إليه مار مرقس، كان يضيء نور المسيح الإله، ويفتح طريق الملكوت أمام الجميع... في كل موقع وبقعة على الأرض، وطأت عليها قدما مارمرقس الرسول، كان يُبدد الأوثان، ويُسقط الأصنام، وُيقيم مذبحًا للرب القدوس.
مَن ينظر إلى كرازة القديس مرقس الرسول، ويتطلع إلى عمله الرسولي في العالم كله، يدرك مدى عظمة دوره الكبير كأحد السبعين رسولًا الذين أرسلهم الرب إلهنا إلى أقصى الأرض. ويدرك مدى عظمة شخصيته التي يقودها الروح القدس، ويرشده في كل شيء.
كان القديس مار مرقس الرسول يكرز بالمسيح الإله والفادي والمخلص، في أسيا وأوروبا وأفريقيا. كان يكرز في وسط اليهود، وفي وسط الأمم، كان يكرز مع التلاميذ والرسل. وكان يكرز بمفرده، كان مار مرقس كارزًا مسكونيًا عظيما... فنجده:
كان يكرز مع القديس بطرس الرسول في اليهودية، وفي أورشليم، وبيت عنيا، بحكم صلة النسب التي كانت بينهما، لأن والد مار مرقس كان ابن عم أو ابن عمة زوجة القديس بطرس كما ذكرنا.
كان يكرز مع القديسين بولس الرسول وبرنابا الرسول في رحلتهما الأولى، حيث ذهبوا إلى أنطاكية ،وسلوكية، وبافوس، وبرجة، وبمفيلية (أع11: 27-30، أع 13: 4). و قال عنه بولس الرسول " خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ." (2 تي 4: 11).
عاد إلى أورشليم بعد أن فارق القديس بولس الرسول برنابا بعد ما حدثت منازعة بينهما.
وبعد حضوره مجمع أورشليم، عاد مرة أخرى إلى أنطاكية مع القديس برنابا (أع13: 15-37).
كان يكرز مع القديس برنابا الرسول في قبرص وسلاميس (أع13: 4و5، 15:39).
كان يكرز في كولوسى باسيا الصغرى، كما ذكر القديس بولس في رسالته إلى أهلها (كو4: 10).
كرز في البندقية، وأكويلا بإيطاليا.
وأيضًا كرز في روما، واشترك مع القديس بولس الرسول في تأسيس الكنيسة هناك (كو4: 10 و11؛ فل 24؛ 2تى4: 11).
ومن روما ذهب إلى الخمس مدن الغربية ليكرز بها قبل المجيء إلى مصر لتأسيس كنيستها.
يسجل لنا سفر أعمال الرسل أنه انطلق مع الرسولين بولس وبرنابا في الرحلة التبشيرية الأولى وكرز معهما في إنطاكية وقبرص ثم في آسيا الصغرى. لكنه على ما يظن أُصيب بمرض في برجة بمفيلية فاضطر أن يعود إلى أورشليم ولم يكمل معهما الرحلة. عاد بعدها وتعاون مع بولس في تأسيس بعض كنائس أوروبا وفي مقدمتها كنيسة روما.
إذ بدأ الرسول بولس رحلته التبشيرية الثانية أصر برنابا الرسول أن يأخذ مرقس، أما بولس الرسول فرفض، حتى فارق أحدهما الآخر، فانطلق بولس ومعه سيلا، أما برنابا فأخذ مرقس وكرزا في قبرص (أع 13: 4-5)، وقد ذهب إلى قبرص مرة ثانية بعد مجمع أورشليم (أع 15: 39).
اختفت شخصية القديس مرقس في سفر الأعمال إذ سافر إلى مصر وأسس كنيسة الإسكندرية بعد أن ذهب أولًا إلى موطن ميلاده "المدن الخمس" بليبيا، ومن هناك انطلق إلى الواحات ثم الصعيد ودخل الإسكندرية عام 60 م. من بابها الشرقي.
دخل مار مرقس مدينة الإسكندرية على الأرجح ما بين سنة 60 - 61 م. من الجهة الغربية قادمًا من الخمس مدن. ويروي لنا التاريخ قصة قبول أنيانوس الإيمان المسيحي كأول مصري بالإسكندرية يقبل المسيحية... فقد تهرأ حذاء مار مرقص من كثرة السير، وإذ ذهب به إلى الإسكافي أنيانوس ليصلحه له دخل المخراز في يده فصرخ: "يا الله الواحد"، فشفاه مار مرقس باسم السيد المسيح وبدأ يحدثه عن الإله الواحد، فآمن هو وأهل بيته.... وإذ انتشر الإيمان سريعًا بالإسكندرية رسم أنيانوس أسقفًا ومعه ثلاثة كهنة وسبعة شمامسة.
هاج الشعب الوثني فاضطر القديس مرقس أن يترك الإسكندرية ليذهب إلى الخمس مدن الغربية (برقه بليبيا) ومنها إلى روما، حيث كانت له جهود تذكر في أعمال الكرازة عاون بها الرسول بولس، لكنه ما لبث أن عاد إلى مصر ليتابع العمل العظيم الذي بدأه.
عاد إلى الإسكندرية عام 65 م. ليجد الإيمان المسيحي قد ازدهر فقرر أن يفتقد الخمس المدن الغربية، وعاد ثانية إلى الإسكندرية ليستشهد هناك في منطقة بوكاليا.
إستشهــــاده:
حدث بينما كان الرسول يحتفل برفع القرابين المقدسة يوم عيد الفصح واتفق ذلك اليوم مع عيد الإله الوثني سيرابيس - أن هجم الوثنيون على الكنيسة التي كان المؤمنون قد أنشأوها عند البحر، في المكان المعروف باسم بوكاليا أي دار البقر. ألقوا القبض على مار مرقس وبدأوا يسحلونه في طرقات المدينة وهم يصيحون: "جرُّوا التنين في دار البقر". ومازالوا على هذا النحو حتى تناثر لحمه وزالت دماؤه، وفي المساء وضعوه في سجن مظلم، وفي منتصف تلك الليل ظهر له السيد المسيح وقواه ووعده بإكليل الجهاد.
وفي اليوم التالي أعاد الوثنيون الكرَّة حتى فاضت روحه وأسلمها بيد الرب، في آخر شهر برمودة سنة 68 م. وإمعانًا في التنكيل بجسد القديس أضرم الوثنيون نارًا عظيمة ووضعوه عليها بقصد حرقه، لكن أمطارًا غزيرة هطلت فأطفأت النار، ثم أخذ المؤمنون الجسد بإكرام جزيل وكفَّنوه.
وقد سرق بعض التجار البنادقة هذا الجسد سنة 827 م. وبنوا عليه كنيسة في مدينتهم، أما الرأس فما تزال بالإسكندرية وبُنِيت عليها الكنيسة المرقسية.
تعتقد لبنان أن القديس كرز بها، هذا وقد كرز أيضًا بكولوسي (كو 4: 10)، وقد اتخذته البندقية شفيعًا لها، وأكويلًا من أعمال البندقية. نختم حديثنا عن كرازته بكلمات الرسول بولس في الرسالة إلى فليمون يذكره الرسول بولس في مقدمة العاملين معه (فل 4: 2)، وفي الرسالة إلى كولوسي يذكره بين القلائل العاملين معه بملكوت الله بينما كان هو أسيرًا مدة أسره الأول في روما. وفي أسره الثاني - بينما كان يستعد لخلع مسكنه - كتب إلى تيموثاوس يطلب إليه إرسال مرقس لأنه نافع له للخدمة (2تي 4: 11).
من أبرز أعمـــاله:
أولا : كتب انجيل مرقس حيث كتبه للأمم، والرومان بوجه خاص. وقد ذكرنا سابقًا أنه اشترك مع القديس بولس في تأسيس كنيسة رومة.
ومن الأدلة علي كتابته للأمم:-
أ- ترجمته للكلمات الآرامية التي يستخدمها
ب- شرح عادات اليهود وأماكنهم وطوائفهم
ج - قلة اقتباسه من العهد القديم
ثانيا : وضع القداس الالهى المعروف حاليًا باسم القداس الكيرلسي .وهو من أقدم القداسات التي وضعت في الكنيسة، وعنه أخذت القداسات الثلاثة المستعملة الآن في الكنيسة. ويمتاز بغزارة مادته.و بقي القداس يلقن شفاهًا إلي سنة 330م حين دونه البابا أثناسيوس الرسولي و سلمه للقديس أفرومنتيوس Saint Frumentius أول أساقفة أثيوبيا.وقد أضاف عليه البابا كيرلس الكبير البابا الرابع و العشرين إضافات كثيرة ودونه في وضعه الجديد، فنسب إليه، وصار من ذلك الحين إلي الآن يعرف باسم القداس الكيرلسي.
و تعتبر ليتورجيا ( اى خدمة القداس بالنصوص المكتوبة ) القديس مرقس الرسول معاصرة لليتورجيا القديس يعقوب الرسول ، كما يقرر علماء الليتورجيات و منهم العلامة (Neale) انهما متشابهان تماما بما يدل على انهما قد اخذتا من مصدر واحد هو ليتورجيا رب المجد.
و يقول قاموس أكسفورد (1) إنه [في سنة 1928 اكتشفت قصاصات من القداس في بردي استراسبورج ترجع إلي القرنين الرابع والخامس في الطقس القبطي، مكتوب عليها القداس القبطي للقديس مرقس أو للقديس كيرلس. وصيغة أخري منه باللغة الأثيوبية.
وتوجد ثلاثة مخطوطات في الفاتيكان لهذا القداس ترجع للقرن الثامن الميلادى و فى هذه الاوراق أوشية الملك و المجمع و أوشية المضطجعين ،وهي:
The Cod. Rossanensis (Vat. Gr 1970, saec XIII).
The Rotulus Vaticanus (Vat. Gr. 2281, Saec XIII).
The Rotulus Messanensis (Cod. Mes. Gr. 177, saec XIII).
ثالثا :انشأ مدرسة الاسكندرية اللاهوتية تلك المدرسة التي ذاع صيتها في العالم المسيحي كله شرقًا وغربًا، وأسدت للمسيحية خدمات جليلة بفضل علمائها وفلاسفتها الذين خرَّجتهم. فعندما حضر مارمرقس إلى مصر كانت الإسكندرية مركزًا هامًا للثقافة الوثنية، وفي مدرستها الوثنية ومكتبتها الشهيرة (مكتبة الإسكندرية) تخرَّج كثير من الفلاسفة والعلماء، فكان لابد أن يقيم مدرسة لاهوتية لتثبيت الناس في الدين وترد على أفكار الوثنيين. وكان مارمرقس نفسه يعرف اللغات العبرية واللاتينية واليونانية وحسب ثقافته هذه أدرك مقدار خطر الفكر الوثني، وهكذا أنشأ مدرسة لاهوتية مسيحية في الإسكندرية عين لرئاستها العلامة يسطس.
و مما كان يميز مدرسة الاسكندرية اللاهوتية انها:
أولًا: كانت تركز على البعد الاخلاقى للدارسين و المعلمين
ثانيًا: كان التعليم بها للجميع لا تمييز بين السيد والعبد والذكر والأنثى الجميع واحد في المسيح يسوع .
ثالثا : أن سنوات الدراسة في المدرسة الوثنية كانت محدودة عكس المدرسة اللاهوتية فكانت غير محدودة.
ثالثًا: أن الفلسفة والعلوم كانت تدرس في المدرسة الوثنية بقصد الثقافة بينما كانت تدرس في المدرسة المسيحية لغرض ديني.
رابعا : كانت تهتم بالتفسير الرمزى و هو شرح كلمة الله بطريقة روحية وإعلان ما تحمله من أعماق داخلية وراء الرموز.
و جدير بالذكر ان هذه المدرسة استطاعت أن تروى ظمأ المسيحيين بالإسكندرية نحو المعرفة الدينية وتحثهم على الدراسة والبحث وبهذا ساهمت في إنشاء أول نظام للدراسات اللاهوتية في العالم وكانت بحق مهد اللاهوت المسيحي منها خرج رجال قادرون على التعليم والرد على الفلسفات الوثنية أمثال اكليمنضس وأوريجانوس والدفاع عن الايمان ضد الأريوسية مثل القديس أثناسيوس الرسولى وضد بدعة نسطور مثل القديس كيرلس الكبير.
القديس مارمرقس والأسد:
يُرمز للقديس مارمرقس بالأسد، لذلك نجد أهل البندقية وهم يستشفعون به جعلوا الأسد رمزًا لهم، وأقاموا أسدًا مجنحًا في ساحة مارمرقس بمدينتهم. ويعلل البعض هذا الرمز بالآتي:
أولًا: قيل أن القديس مرقس اجتذب والده أرسطوبولس للإيمان المسيحي خلال سيرهما معًا في الطريق إلى الأردن حيث فاجأهما أسد ولبؤة، فطلب الأب من ابنه أن يهرب بينما يتقدم هو فينشغل به الوحشان، لكن الابن طمأن الأب وصلى إلى السيد المسيح فانشق الوحشان وماتا، فآمن الأب بالسيد المسيح.
ثانيًا: بدأ القديس مرقس إنجيله بقوله: "صوت صارخ في البرية"... وكأنه صوت أسد يدوي في البرية كملك الحيوانات يهيئ الطريق لمجيء الملك الحقيقي ربنا يسوع المسيح. هذا وإذ جاء الإنجيل يُعلن سلطان السيد المسيح لذلك لاق أن يرمز له بالأسد، إذ قيل عن السيد أنه "الأسد الخارج من سبط يهوذا" (رؤ 5: 5).
ثالثًا: يرى القديس أمبروسيوس أن مارمرقس بدأ إنجيله بإعلان سلطان ألوهية السيد المسيح الخادم "بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله" (1: 1)، لذلك بحق يرمز له بالأسد.
بركة صلواته الطاهرة و شفاعاته المقدسة تحيط بنا و تشملنا . أمين
اذكرونى فى صلواتكم
اغنسطس اكليريكى / مينا ثروت قلادة